يبدو أن إيران رفعت سقف التحدي خلال زيارة أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، إلى لبنان قادمًا من العراق بعد توقيع اتفاقيات أمنية. تأتي هذه الزيارة في وقت تسعى فيه الحكومة اللبنانية إلى سحب أو حصر سلاح حزب الله، وهو ما تعارضه طهران بشدة، معتبرةً ذلك مجرد أحلام.
لم يكتف لاريجاني بالرسائل غير المعلنة للمسؤولين اللبنانيين التي تعبر عن دعم إيران لحزب الله، بل نشر تغريدة على منصة إكس اعتبرها خصوم حزب الله سخرية من سيادة لبنان.
تساءل لاريجاني باللهجة اللبنانية: "كيف تتدخل إيران بالشؤون اللبنانية؟" وأضاف: "أنا مسؤول الأمن القومي بإيران، وبقولها بصراحة: إيران ما إلها أي نيّة تتدخّل بشؤون أي دولة، ومنها لبنان.. اللي بيتدخّل بشؤون لبنان هو اللي بيعطيكن خطّة وجدول زمني من على بُعد آلاف الكيلومترات. نحنا ما عطيناكن ولا خطّة!"
يشير لاريجاني في تغريدته إلى الولايات المتحدة ومبعوثها توم براك، الذي قاد حملة لنزع سلاح حزب الله ضمن مهلة زمنية محددة، يجري تنفيذها من قبل الحكومة اللبنانية.
وزير الخارجية اللبناني، يوسف رجي، أبدى غضبه من زيارة لاريجاني، مؤكدًا أن برنامجه ضيق ولم يلتق به، مضيفًا: "أنا حتى لو كان لدي وقت فلن أستقبله." وأشارت تقارير إعلامية إلى أن لاريجاني لم يطلب مقابلة الوزير.
الرئيس اللبناني، جوزيف عون، صرح خلال اجتماعه مع لاريجاني: "من غير المسموح لأي جهة كانت، ومن دون أي استثناء، حمل السلاح والاستقواء بالخارج." يظهر هذا التصريح تبني الرئيس للنهج الأمريكي في التعامل مع سلاح حزب الله، وسط تساؤلات حول قدرة الجيش اللبناني على حماية اللبنانيين، أو تنفيذ خطة لجمع سلاح حزب الله دون حرب أهلية.
كانت الحكومة اللبنانية قد أقرت حصر السلاح بيد الدولة وكلفت الجيش بوضع خطة لهذا الهدف بحلول نهاية الشهر الحالي، على أن ينتهي تسليم السلاح أواخر السنة.
حضور لاريجاني في بيروت كان بمثابة استعراض ورسالة مفادها عدم تخلي طهران عن حزب الله وسلاحه. اللقاء الأهم كان مع أمين عام حزب الله، الشيخ نعيم قاسم، بحضور السفير الإيراني مجتبى أماني، حيث جدد الشيخ قاسم الشكر لإيران لدعمها المتواصل للبنان ومقاومته ضد إسرائيل، ووقوفها إلى جانب وحدة لبنان وسيادته واستقلاله.
ركز خصوم حزب الله والإعلام المضاد لمحور المقاومة على أن لاريجاني ضيف غير مرحب به، لكنه التقى بالمسؤولين اللبنانيين بصفته مستشار المرشد الأعلى السيد علي خامنئي، وتجنب لبنان الرسمي قطع العلاقات مع طهران.
رئيس مجلس النواب اللبناني أكد أن "المطلوب هو التمهل والتفرغ لجبهة إسرائيل ومخططاتها التي تستهدف كل لبنان"، مضيفًا: "إيران دولة صديقة للبنان، وستبقى."
تجمع مناصرو حزب الله على طريق المطار تزامناً مع وصول لاريجاني، وحملوا أعلام حزب الله وإيران، وصاحوا تأييدًا للمرشد الإيراني السيد علي خامنئي، ورددوا شعارات "الموت لأمريكا والموت لإسرائيل" و"هيهات منا الذلة".
حرص لاريجاني على زيارة ضريح الأمين العام لحزب الله، السيد الشهيد حسن نصرالله، ووضع إكليلاً من الزهور وقبّل الضريح، في رسالة إيرانية صريحة بأنها باقية على نهجه المقاوم.
صرح لاريجاني: "لقد فقدنا السيد حسن نصر الله، لكن أبناءه الذين تربوا في مدرسته ما زالوا أحياء"، مضيفًا: "حزب الله هو مبعث شرف وفخر للإسلام."
وتابع مخاطبًا "الإخوة في حزب الله": "من الممكن أن تتعرضوا لجفاء وضغينة، وذلك بسبب أهميتكم وتأثيركم. لو لم يكن لحركتكم تأثير، لما حملوا لكم كل هذه الضغينة."
دفعت زيارة لاريجاني رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير للقيام بجولة ميدانية في الأراضي التي تحتلها بلاده في جنوب لبنان، فيما وصف لاريجاني إسرائيل بـ"الحيوان المفترس" تعليقًا على اعتداءاتها على جنوب لبنان.
مع سقوط "سورية الأسد"، ووصول هيئة تحرير الشام لحكم دمشق، قد لا يغيب عن أذهان حزب الله الاحتفالات التي عمت مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام احتفالًا باستشهاد السيد نصرالله، الأمر الذي قد يفسر ما نقلته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية حول رفض الحكومة السورية السماح لطائرة لاريجاني باستخدام المجال الجوي السوري، مما اضطرها لتغيير مسارها عبر المجال الجوي للعراق وتركيا.
تُطرح تساؤلات حول سيطرة حكومة دمشق الجديدة على مجالها الجوي، وكيف كانت ستتعامل مع طائرة لاريجاني لو أصر على استخدام الأجواء السورية.