يرى سمير حماد أن ما يميّز الأصولية المعاصرة والدينية التكفيرية، ويجعل لها سمة مشتركة على اختلاف انتماءاتها المذهبية، هو العداء الشديد للثقافة الدنيوية. فالأصوليون يعتبرون أن هذه الثقافة لا تضيف شيئًا إلى الكتب الدينية أو كتاب الله، ولا يرون فيها أي نفع، بل يعتبرونها حجر عثرة أمام الفرائض والعبادات، وتصرف النظر عن التفكير في الآخرة.
لذلك، يرى الأصوليون أن السعي إلى الثقافة هو مضيعة للوقت. والجهل، بالنسبة للتكفيريين والأصوليين، له قيمة إيجابية بامتياز، حتى بات عندهم غاية الغايات، وهو ما يسميه (روا) "الجهل المقدّس".
هذا الجهل يحميهم من التلوّث بالفن والفلسفة والموسيقى والأدب، ويحميهم من أفكار أفلاطون وأرسطو، والمعري وابن سينا وابن رشد. كما يحميهم من عادل إمام ونجيب محفوظ وطه حسين، ومن نزار قباني وأحمد حجازي ومحمد أركون وأدونيس، ليتفرّغوا لآيات الكتاب المقدس في البراري، غير ملوّثين بالثقافة الكافرة، حتى يحين الأجل، حيث يدخلون الجنة طاهرين مُطهّرين متعبّدين في الصباح والمساء، بعيدًا عن العلم الدنيوي المُحرّم.
ويرى الكاتب أنه لا خلاص لنا إلا بالتحرر من الجهل المقدّس، والوصول إلى العلم المقدّس، وهو صراع مرير لا بد من خوضه، صراع التنوير مع الظلامية، للوصول إلى العقل المستنير والانفتاح على العصر وثقافاته المتعددة.