الإثنين, 18 أغسطس 2025 07:38 PM

رواية "آخر ما تبقى من الزنبقة": صراع الهوية والانقسام في زمن الحرب السورية

رواية "آخر ما تبقى من الزنبقة": صراع الهوية والانقسام في زمن الحرب السورية

في روايته "آخر ما تبقى من الزنبقة" الصادرة عام 2014 عن دار "الفارابي للنشر"، يستعرض الكاتب إيهاب عبد ربه تجارب شخصية تعكس الصراع الوطني في سوريا من زوايا مختلفة خلال فترة الحرب. تتناول الرواية قصة "وسيم"، الضابط المنشق عن الجيش السوري السابق، الذي يكتب رسالة لزوجته يصف فيها تحولات "الربيع العربي" وتأثيرها على سوريا، حيث طالب الشباب بالحرية والكرامة في مواجهة نظام قمعي استخدم العنف والقتل لقمع المظاهرات.

يحلم "وسيم" بأن يكون ضابطًا شريفًا، لكنه يواجه خيارًا أخلاقيًا صعبًا، حيث يرفض تحمل مسؤولية قمع شعبه. لذلك، يقرر الانشقاق والانضمام إلى صفوف الثورة السورية، ويتنقل بين القرى لتشكيل نواة مقاومة للدفاع عن المدنيين. تعكس قصة "وسيم" انقسام الجيش السوري وظهور "الضباط المنشقين" كقوة مؤثرة في الصراع.

تتفرع الرواية لتروي قصص شخصيات أخرى مثل "توفيق" و"حازم"، وهما شابان هربا إلى تركيا. تكشف الرواية عن معاناة الناشطين السوريين بعد تخلي الكثيرين عن الثورة، وكيف أدى الخلاف حول حمل السلاح إلى انقسامات داخلية بين الشباب. هذا الأمر دفع "توفيق" إلى معارضة التحول العسكري خوفًا من استغلال الجماعات المسلحة لهم وتحويلهم إلى وقود لصراعات أكبر.

تتعمق الرواية في تفاصيل التهريب والصراعات بين الفصائل المسلحة، وبين المعتدلين والمتشددين المناصرين للثورة. كما تسلط الضوء على معاناة المعتقلين داخل السجون، خاصة في "صيدنايا"، وتأثير الانقسامات الأيديولوجية على مصيرهم، في مشهد يعكس واقع السوريين بين القتل والتعذيب والاغتيال.

مع تصاعد النزوح والهروب من القصف، تستمر رحلة زوجة "وسيم" وابنته في المخيمات التركية. تلتقي زوجة "وسيم" بمجموعة من اللاجئين، بينهم فلسطينيون وسوريون، ومنهم شخصية "أبو مراد"، الذي يجسد مأساة المهجّر الفلسطيني-السوري، ويتحدث عن الهروب والتجارب المأساوية على طريق اللجوء إلى أوروبا، بما في ذلك عبور البحر بطرق غير شرعية أودت بحياة الكثيرين.

يظهر الكاتب إيهاب عبد ربه، من خلال سرد مآسي قصص السوريين ووضعهم الإنساني، أن الرواية ليست فقط شهادة على مأساة سورية، بل هي أيضًا انتصار لصمود الإنسان السوري، وتنديد بالتواطؤ الدولي مع نظام قتل وشرد شعبه. يصور الكاتب مسار الثورة من بداياتها العفوية، حتى تحولها إلى مأساة، مع الإضاءة على الإيجابيات والعقبات، وخسائر الشباب الذي دفع الثمن الأعلى، وهو واقع لا يزال أثره حاضرًا في حياة السوريين.

تنتهي الرواية برسم صورة قاتمة لما آلت إليه أحوال أبطال الرواية، من موت وغرق وحياة الشتات والاغتراب، ومعاناة الملايين في بلد محاصر بين نظام الأسد القمعي وفصائل متناحرة.

من الكاتب؟

إيهاب عبد ربه من مواليد عام 1982 بريف دمشق، حاصل على إجازة في الحقوق. يقيم في السويد ويعمل أيضًا ضمن شركة محاماة محلية، وحاصل على ماجستير في العلوم السياسية من جامعة "ترولهاتان" وماجستير في العمل الإنساني والصراعات من جامعة "أوبسالا" في السويد.

مشاركة المقال: