نظمت اللجنة الفنية للسباحة في حلب بطولة "النصر الأولى" في المسبح الأولمبي بالمحافظة، وذلك بعد انقطاع دام أكثر من عشر سنوات. استمرت البطولة لمدة ثلاثة أيام واختتمت في 14 آب الحالي، بمشاركة 120 سباحًا وسباحة من مختلف الفئات العمرية، بما في ذلك الرجال والسيدات والشباب والناشئون والأشبال والصغار.
شملت المنافسات أربع حركات سباحة رئيسية هي الفراشة والصدر والحرة والظهر، بالإضافة إلى السباحة المتنوعة. تم تقليل مسافة السباق بالنسبة لفئة الصغار.
في سباق 200 متر "حرة"، فاز 16 سباحًا وسباحة بالمركز الأول، و11 بالمركز الثاني، و13 بالمركز الثالث. وفي سباق 100 متر "صدر"، حصل 10 سباحين على المركز الأول، وسبعة على المركز الثاني، وستة على المركز الثالث. أما في سباق 100 متر "فراشة"، فقد فاز ستة سباحين بالمركز الأول، وخمسة بالمركز الثاني، وخمسة بالمركز الثالث. وفي سباق 50 مترًا "ظهر"، حصل سبعة سباحين على المركز الأول، وستة على المركز الثاني، وستة على المركز الثالث. وأخيرًا، في سباق 200 متر "متنوع"، فاز ستة سباحين بالمركز الأول، واثنان بالمركز الثاني، وثلاثة بالمركز الثالث.
بداية لمشاركات دولية
تحدث السباح محمد عقلة (18 عامًا)، لعنب بلدي، عن تجربته في بطولة "النصر"، وعن فوزه بالمركز الأول في السباحة "الحرة" لفئة الشباب، معبرًا عن سعادته الغامرة بتحقيق هذا الإنجاز بعد الجهد والتعب الذي بذله. وأشار إلى أن التحديات التي واجهته تمثلت في ضغط التمارين وعدم القدرة على التدريب في فصل الشتاء بسبب عدم وجود مسبح شتوي مجهز، بالإضافة إلى ضعف الإمكانات المتاحة. إلا أن إصراره وتشجيع عائلته ومدربه كانا الدافع الأكبر لتجاوز هذه الصعوبات. وأكد محمد أن هذا الفوز يمثل بداية لمشوار أكبر، حيث يطمح إلى المشاركة في البطولات الدولية ورفع مستواه لتحقيق المزيد من الإنجازات.
من جهته، صرح المدرب ورئيس اللجنة الفنية للسباحة بحلب، عبد القادر الشلبي، لعنب بلدي، بأن أداء المشاركين في بطولة "النصر" كان "مبهرًا بكل المقاييس"، مشيدًا بالمستويات الفنية الراقية والأداء الاحترافي الذي قدمه السباحون والسباحات.
انطلاقة جديدة
أكد الشلبي أن البطولة لم تكن مجرد حدث رياضي، بل تجسيد لرؤية شاملة تهدف إلى إحياء روح المنافسة واحتضان الطاقات الكامنة في كل فئة عمرية. وأضاف أنه تم فتح الباب أمام جميع السباحين دون استثناء، وتوفير تدريب مكثف لهم لمدة أربعة أشهر، مما أدى إلى ارتفاع عدد المشاركين إلى أكثر من 120 سباحًا. وأشار إلى أن الهدف من البطولة هو اختيار نخبة المنتخب، وذلك من خلال اعتماد معيار الأزمنة لتقليص العدد إلى 60 سباحًا فقط، بحيث يمثل هؤلاء السباحون إرادة متينة وذاكرة وطن ومستقبل رياضة تستحق أن تُروى قصتها بفخر.
آلية الاختيار
أوضح الكابتن عبد القادر آلية اختيار المنتخب، مشيرًا إلى أنه يتم اختيار السباحين وفق معايير دقيقة تضمن الإنصاف والتميز، وذلك بالاعتماد على الأزمنة المحققة ونوعية الأداء الفني في الحركة. ويتم اختيار المركز الأول لفئة الرجال، والمركزين الأول والثاني لفئة الشباب، بينما تُمنح فرصة الانضمام للمراكز الثلاثة الأولى في فئات الصغار والأشبال واليافعين. وأكد أن هذا التدرج يراعي الفروق العمرية والنضج الرياضي، ويعكس الحرص على بناء منتخب متوازن يجمع بين الخبرة والطموح.
وعن الاستراتيجية المتبعة لاكتشاف المواهب وصقلها للوصول للمستوى الدولي، قال الشلبي إنها تبدأ بخطة داخلية دقيقة تتكامل مع خطة سنوية شاملة وهيكلة تنظيمية تضمن وضوح الأدوار واستدامة العمل. وأضاف أنه يتم دراسة العقبات بواقعية والبحث عن حلول مبتكرة تضمن الاستمرارية والتطور. وعلى صعيد اكتشاف المواهب، تم إطلاق بطولات مدرسية وأخرى عامة إضافة إلى بطولات خاصة بالمنتخب، بهدف رصد الطاقات الواعدة والعمل على صقلها فنيًا ونفسيًا، لأن الهدف ليس فقط المنافسة بل الوصول إلى المستوى الدولي.
نهوض رغم التحديات
تشهد السباحة السورية نهوضًا بطيئًا وسط تحديات صعبة، ورغم أن هذه الرياضة بدأت تشق طريقها نحو الازدهار، فإن هذا التقدم لا يزال محدودًا بفعل عدة عوائق، وفقًا للشلبي. وأوضح أن الدعم المادي واللوجستي لا يكاد يُذكر مقارنة بباقي الألعاب، والاهتمام المؤسسي لا يرقى لطموحات الرياضيين، خاصة مع حرمان المنتخب من ساعات تدريب كافية بسبب سيطرة المستثمرين على المسابح وتحويلها إلى مشاريع اقتصادية. كما أثر التهميش الممنهج الذي طال الرياضة لسنوات طويلة بفعل سياسات النظام السابق على البنية التحتية والإدارية، إذ تم تعيين شخصيات غير رياضية في مواقع القرار، ما زاد من عزلة اللعبة وأضعف مسارها التنموي. وأشار الشلبي إلى أن غياب انتخاب رئيس جديد لاتحاد السباحة والألعاب المائية ترك فراغًا تنظيميًا ينعكس على تطور هذه اللعبة، فيما يعاني السباحون بعد تحرير المدن من صعوبة العودة إلى أنديتهم لأنها غير مهيأة لاستقبالهم، وسط ظروف اقتصادية قاسية وتغيّر البنية السكانية وانعدام الاستقرار، ما يجعل استمرار التدريب والبطولات أشبه بمعركة يومية يخوضها الرياضيون.
وأضاف المدرب أنه يتم العمل على تطوير رياضة السباحة من خلال تأمين مسبح شتوي يضمن استمرارية التدريب خلال فصل الشتاء ومتابعة المنتخب الوطني عبر برامج تأهيلية متكاملة. كما يتم الاعتماد على هيكلة تنظيمية واضحة وخطط شهرية وسنوية مدروسة تهدف إلى تحقيق النجاح المستدام والوصول إلى أعلى مستويات الأداء والاحتراف.