بالتعاون مع اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، افتتحت هيئة التخطيط والإحصاء في سوريا ورشة عمل تشخيصية افتراضية للحسابات القومية في سوريا. وأعلنت الهيئة عبر منصاتها الرسمية أن الورشة تهدف إلى بناء نظام حسابات قومية متطور، وتطوير آليات إنتاج البيانات غير المتوفرة وفق الأسس العلمية والعملية. ومن المقرر أن يتم في ختام الورشة إعداد تقرير تشخيصي للبيانات الإحصائية المتوفرة في سوريا.
تستمر الورشة، التي تقام في مبنى معهد التخطيط الاقتصادي والاجتماعي في دمشق، لمدة خمسة أيام، بحضور ممثلين عن مختلف الوزارات والجهات العامة، بما في ذلك وزارات الاقتصاد والصناعة، والمالية، والزراعة، والطاقة، والإدارة المحلية والبيئة، والتعليم العالي والبحث العلمي، والتربية، والنقل، والسياحة، والاتصالات وتقانة المعلومات، والصحة، والإعلام، والأشغال العامة والإسكان، بالإضافة إلى مصرف سوريا المركزي، واتحادات غرف الصناعة والزراعة والتجارة، والهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات، وهيئة التطوير العقاري.
يعتبر نظام الحسابات القومية (SNA) مجموعة التوصيات القياسية المتفق عليها دوليًا بشأن كيفية تجميع مقاييس النشاط الاقتصادي. ويصف هذا النظام مجموعة متماسكة ومتسقة ومتكاملة من الحسابات الاقتصادية الكلية في سياق مجموعة من المفاهيم والتعريفات والتصنيفات وقواعد المحاسبة المتفق عليها دوليًا. كما يقدم نظام الحسابات القومية نظرة عامة على العمليات الاقتصادية، مسجلًا كيفية توزيع الإنتاج بين المستهلكين والشركات والحكومات والدول الأجنبية، وكيف يتدفق الدخل الناتج عن الإنتاج، المعدل بالضرائب والتحويلات، إلى هذه الفئات، وكيف تخصص هذه التدفقات للاستهلاك والادخار والاستثمار.
تعد الحسابات القومية أحد ركائز الإحصاءات الاقتصادية الكلية، وتشكل أساسًا للتحليل الاقتصادي وصياغة السياسات. وقد صُمم نظام الحسابات القومية (SNA) ليستخدم من قبل جميع الدول، لتلبية احتياجات الدول في مختلف مراحل التنمية الاقتصادية. كما يوفر إطارًا شاملاً للمعايير في مجالات الإحصاءات الاقتصادية الأخرى، مما يسهل دمج هذه الأنظمة الإحصائية لتحقيق الاتساق مع الحسابات القومية.
أوضح رئيس هيئة التخطيط والإحصاء، أنس سليم، لوكالة الأنباء السورية (سانا)، أنه تم الاتفاق بين الهيئة و"الإسكوا" على خطة زمنية تمتد من تموز 2025 وحتى نهاية عام 2026، وتشمل حساب الناتج المحلي الإجمالي (GDP) في سوريا لعام 2024، وفق نظام "SNA 1993"، مع الأخذ بتوصيات خبراء "الإسكوا" وتضمين القطاع غير المنظم في الحسابات.
اعتمدت اللجنة الإحصائية للأمم المتحدة نظام الحسابات القومية لعام 1993 خلال دورتها السابعة والعشرين عام 1993، باعتباره المعيار الدولي لتجميع إحصاءات الحسابات القومية والإبلاغ الدولي عن بيانات محاسبية قومية قابلة للمقارنة. ويتألف نظام الحسابات القومية من مجموعة متكاملة من الحسابات الاقتصادية الكلية والميزانيات العمومية والجداول، استنادًا إلى مفاهيم وتعريفات وتصنيفات وقواعد محاسبية متفق عليها دوليًا. وتوفر هذه المبادئ إطارًا محاسبيًا شاملاً يُمكن من خلاله تجميع البيانات الاقتصادية وعرضها بصيغة مصممة لأغراض التحليل الاقتصادي واتخاذ القرارات وصنع السياسات.
مع تطور اقتصادات السوق والتفاعلات الاقتصادية في العالم، تغيّر نظام الحسابات القومية لعام 1993 عن نسختيه لعامي 1953 و1968. واستدعت جوانب العولمة وظهور ظواهر اقتصادية جديدة تحديثًا شاملاً لنظام الحسابات القومية لعام 1993، بدلًا من تحديث تدريجي، مما أدى إلى تطوير نظام الحسابات القومية لعام 2008.
كما يتضمن المشروع دمج السلاسل الزمنية للحسابات القومية للفترة بين عامي 2020 و 2024، بالإضافة للممتدة بين عامي 2000 حتى 2019، بما ينسجم مع تطبيق التصنيف الصناعي الموحد "ISIC4" منذ عام 2020، ومن ثم التحضير لحساب المؤشرات الربعية للحسابات القومية، إلى جانب إعداد خطة لتطبيق نظام "SNA 2008" بحلول عام 2026.
أدت الجوانب المتطورة للعولمة وظهور ظواهر اقتصادية جديدة إلى ظهور مواضيع جديدة استلزمت تحديثًا شاملاً لنظام الحسابات القومية لعام 1993، بدلًا من التحديث التدريجي. ولذلك، اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في دورته الرابعة والثلاثين عام 2003 مراجعةً أكثر شمولًا لنظام الحسابات القومية لعام 1993، مؤكدًا على عدد من النقاط.
- لا توجد تغييرات جوهرية أو شاملة على نظام الحسابات القومية لعام 1993.
- الحفاظ على الاتساق مع الكتيبات ذات الصلة، مثل دليل ميزان المدفوعات، وإحصاءات المالية الحكومية، ودليل الإحصاءات النقدية والمالية.
- التركيز على التحديث بشأن عدد من القضايا المحددة، ولكن قائمة القضايا لا تزال مفتوحة.
- يواصل الفريق العامل المعني بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية دوره الإداري والتنسيقي بمساعدة من مجموعة الخبراء الاستشارية (AEG).
- شفافية عملية المراجعة من أجل الحصول على دعم واسع النطاق في المجتمع الإحصائي الدولي
- المشاركة العالمية للمجتمع الإحصائي.
شارك معاون مدير "الإسكوا"، طارق العلمي، في الورشة عبر تقنية الفيديو، وذكر أن التعاون مع الهيئة يشمل التحضير لتنفيذ مشروع التعداد السريع لتوفير بيانات محدثة عن أعداد السكان، والمساهمة في تطوير البيئة التشريعية والقانونية لمنظومة التخطيط والإحصاء، إلى جانب تقديم الدعم الفني لحساب أهداف التنمية المستدامة وفق المعايير الدولية. ونوه إلى التزام "الإسكوا" باستمرار دعم سوريا في تطوير نظامها الإحصائي باستخدام أساليب مبتكرة، تتماشى مع المعايير الدولية، وتضمن توفير بيانات دقيقة تسهم في تحقيق التنمية المستدامة.
أوضح رئيس هيئة التخطيط والإحصاء، أنس سليم، في تصريح سابق لعنب بلدي، أن الهيئة أجرت لقاءات مع عدد من المنظمات الدولية، كبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، وبرنامج الأغذية العالمي، وهناك لقاء مرتقب مع اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، وتم الاتفاق خلال الاجتماعات على تقديم الدعم الفني والمالي لتطوير العمل الإحصائي وتنفيذ عدد من المسوح النوعية، وذكر رئيس الهيئة، أنه تم العمل على اتخاذ الخطوات التحضيرية لذلك.
ووفق سليم، يحتاج العمل الإحصائي والتخطيطي إلى تحديث مستمر من حيث المنهجيات والأدوات، مما يتطلب بصورة مستمرة ودورية الاطلاع على أفضل التجارب الدولية والممارسات وبناء القدرات في هذا المجال، وهذا يحتاج إلى شراكات استراتيجية مع الدول والمنظمات.