استضاف المركز الثقافي في جبلة محاضرة بعنوان "الذكاء الاصطناعي" قدمها الباحث يحيى أحمد، بحضور مدير منطقة جبلة الدكتور أمجد سلطان، وجمع من الأكاديميين والمثقفين والشعراء والمهتمين بالشأن العلمي والثقافي.
استعرض يحيى أحمد خلال المحاضرة رؤية شاملة لتطور الذكاء الاصطناعي وتأثيراته العميقة على جوانب الحياة المختلفة. بدأ عرضه بتأريخ لمسيرة الإنسان وصولاً إلى الثورة الرقمية، معتبراً الذكاء الاصطناعي "ثورة عقلية تتجاوز الثورة الصناعية"، ومفضلاً تسميته بـ "العقل الآلي" لطبيعته البرمجية ومحاكاته للعقل البشري.
تناول الباحث المفهوم العلمي للعقل الآلي، واصفاً إياه بمنظومة برمجيات تعتمد على الخوارزميات والبيانات لمحاكاة التفكير البشري بدقة وسرعة فائقتين. وأشار إلى العالم البريطاني جيفري هينتون، المعروف بتعمقه في الذكاء الاصطناعي، والذي تساءل عن إمكانية وجود آلة تحل المسائل الرياضية بدلاً من العقل البشري. لكنه سرعان ما اكتشف أن هذا التطور يشكل خطراً على العقل البشري، مما دفعه إلى ترك العمل في غوغل والاعتزال، رغم إسهاماته الكبيرة.
استعرض الباحث تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات متعددة كالطب والزراعة والصناعة والتعليم والاتصالات والفضاء، مؤكداً قدرة هذا "العقل البرمجي" على تحليل كميات ضخمة من البيانات واستنتاج نتائج تفوق دقة العقل البشري، الأمر الذي يثير الإعجاب والقلق في آن واحد.
أوضح يحيى أن جوهر الذكاء الاصطناعي يكمن في تعلم الآلة من البيئة المحيطة دون الحاجة إلى برمجة مباشرة، وذلك من خلال بيانات تمثل حالات واقعية وخوارزميات تتعامل معها بالتحليل والاستنتاج.
في ختام عرضه، تطرق الباحث إلى إيجابيات وسلبيات الذكاء الاصطناعي، فمن جهة يوفر معالجة دقيقة وخالية من الأخطاء وقدرة على العمل بلا انقطاع، بينما تتجلى سلبياته في ارتفاع التكاليف، وضعف الإبداع، ومحدودية التعاطف الإنساني، وتهديد فرص العمل، بالإضافة إلى المعضلات الأخلاقية المترتبة على الاعتماد الكلي عليه، داعياً إلى توظيفه في خدمة البشرية لا للهيمنة عليها.
من جانبه، وصف الدكتور أمجد سلطان المحاضرة بأنها ضرورية ومهمة في الوقت الراهن، لما تحمله من أبعاد معرفية عميقة ومواكبة للتحولات التكنولوجية العالمية. واعتبر أن الذكاء الاصطناعي أداة من صنع الإنسان، شأنه شأن أي اختراع آخر، لا يخلو من المخاطر إن أُسيء استخدامه. وأضاف أن النقاش الذي دار في المحاضرة كان مثمراً، لكن المقارنة بين الذكاء الاصطناعي والبشري ليست منطقية، موضحاً أن الذكاء الاصطناعي يعتمد على بيانات يقدمها البشر، وإن كانت مغلوطة فستكون مخرجاته خاطئة. وأكد أن الذكاء الاصطناعي بلغ تطوراً يسمح له بابتكار خوارزميات جديدة، مما يستدعي رقابة أخلاقية وتشريعية، مشيراً إلى أن سوريا ما زالت في بدايات التعامل مع هذا المجال نظراً لضعف البنية التحتية التقنية، معرباً عن أمله في استثماره مستقبلاً بما يخدم القطاعات الحيوية.
دار نقاش غني بالأسئلة حول قدرة الذكاء الاصطناعي على تجاوز العقل البشري، وأثره في تقليص الإبداع الإنساني، والأخطار المحتملة لدمج الخوارزميات بطريقة تتجاوز تحكم الإنسان بها.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية