السبت, 23 أغسطس 2025 03:14 PM

من 50 إلى 25000: الليرة السورية تنهار خلال سنوات الحرب.. هل ينجح حذف الأصفار في استعادة الثقة؟

من 50 إلى 25000: الليرة السورية تنهار خلال سنوات الحرب.. هل ينجح حذف الأصفار في استعادة الثقة؟

غرفة الأخبار – نورث برس

نقلت وكالة رويترز عن مصادر مطلعة أن الحكومة السورية الانتقالية تعتزم إعادة تقييم العملة من خلال حذف صفرين من فئاتها النقدية المتداولة. تهدف هذه الخطوة إلى تعزيز الاستقرار النقدي واستعادة الثقة بالليرة السورية، التي فقدت أكثر من 99% من قيمتها خلال سنوات الحرب.

من المقرر أن يبدأ التداول بالعملة الجديدة في 8 كانون الأول/ ديسمبر المقبل، الذي يوافق الذكرى الأولى لسقوط بشار الأسد. سيُسمح بتداول العملتين القديمة والجديدة بالتوازي لمدة عام كامل قبل إلغاء النسخة الحالية نهائياً. ستتولى مؤسسة روسية متخصصة، هي "غوزناك"، عملية الطباعة، بينما تستعد المصارف الخاصة لتكييف أنظمتها المصرفية والإلكترونية مع التغيير المرتقب.

بداية الانهيار

عرفت الليرة باستقرارها النسبي لعقود قبل الحرب، حيث كان سعرها يقارب 50 ليرة مقابل الدولار. بدأت الليرة تفقد قيمتها تدريجياً مع اندلاع الاحتجاجات عام 2011 وتوسع النزاع. في السنوات الأولى، كان التراجع محدوداً، ولم يتجاوز بضع مئات من الليرات للدولار حتى عام 2014. غير أن الانهيار تسارع لاحقاً، وتجاوز السعر 500 ليرة للدولار بحلول عام 2017. ثم دخلت البلاد مرحلة أشد قسوة في 2019 و2020، حين تخطى الدولار حاجز الألف ليرة.

تفاقم الوضع خلال السنوات اللاحقة، ففي نهاية عام 2022، كان الدولار يساوي أكثر من 7000 ليرة، ثم صعد سريعاً إلى 15000 في عام 2023. ومع اشتداد المعارك والمعاناة الاقتصادية في عام 2024، وصلت الليرة إلى أدنى مستوياتها عند 25000 مقابل الدولار، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ البلاد. ومع سقوط نظام الأسد وبدء مرحلة انتقالية جديدة، شهد السوق نوعاً من التوازن النسبي، حيث تراوح السعر بين 10000 و12000 ليرة للدولار الواحد.

إصلاح النظام المالي

يثير الحديث عن حذف صفرين جدلاً واسعاً بين الخبراء. يرى البعض أن التغيير قد يخفف الأعباء اليومية، حيث أصبح شراء الحاجيات البسيطة ممكناً فقط عبر رزم نقدية كبيرة. قد تساعد هذه الخطوة أيضاً على إعادة الثقة بالنظام المالي وتشجيع الناس على إعادة أموالهم إلى البنوك، خاصة مع تقديرات تشير إلى أن حوالي 40 تريليون ليرة متداولة خارج المنظومة الرسمية.

في المقابل، يحذر اقتصاديون من أن هذه الخطوة قد تبقى شكلية إذا لم ترافقها إصلاحات اقتصادية وهيكلية أعمق، تشمل ضبط العجز، وتطوير الإنتاج المحلي، ووقف الاعتماد المفرط على السوق السوداء والدولار. تشير تجارب دول أخرى إلى أن حذف الأصفار قد يعطي دفعة نفسية مؤقتة، لكنه ليس بديلاً عن استراتيجيات متكاملة للحد من التضخم وتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي.

بالنسبة لسوريا التي أنهكتها الحرب والعقوبات والفساد على مر السنين، فإن نجاح الخطوة المقبلة سيعتمد على ما إذا كانت مقدمة لإصلاح شامل، أم أنها ستقتصر على كونها عملية تجميلية لورقة نقدية فقدت قيمتها في جيوب السوريين منذ زمن طويل.

إعداد وتحرير: عكيد مشمش

مشاركة المقال: