دمشق-سانا: أحيت مدينة داريا مساء اليوم ذكرى مجزرة آب 2012 التي ارتكبها النظام البائد، وذلك في فعالية رمزية مؤثرة جمعت أهالي الشهداء والناجين في مقبرة الشهداء خلف جامع أبو سليمان الديراني. تأتي هذه الفعالية بعد سنوات من الصمت فرضها الخوف من بطش النظام.
تضمنت الفعالية إقامة خيمة رمزية وجدارية تفاعلية، حيث خطّ ذوو الضحايا أسماء أبنائهم عليها، في تأكيد على أن العدالة حق لا يسقط بالتقادم، ورفضاً لنسيان واحدة من أفظع الجرائم التي شهدتها المدينة.
713 شهيداً ومقبرة جماعية تحولت إلى رمز
أوضح مدير المكتب الإعلامي في داريا، ياسر جمال الدين، لمراسل سانا أن المجزرة بلغت ذروتها في الـ 25 من آب 2012، وأسفرت عن استشهاد 713 شخصاً، بينهم 508 موثقين بالاسم و205 مجهولي الهوية. وأضاف أن الحصار آنذاك أجبر الأهالي على دفن الشهداء في مقبرة جماعية، عمد النظام إلى تخريبها عام 2016، قبل أن تبدأ أعمال ترميمها بعد تحرير المدينة.
شهادات مؤلمة تكشف حجم الفاجعة
وصفت الناجية خديجة هدلة المشهد قائلة: "كنت أتعرف على جثة معارفي مع كل خطوة، حيث كانت الجثث في كل مكان"، مؤكدة أن الأرقام الرسمية لا تعكس الحجم الحقيقي للمجزرة بسبب وجود مئات المفقودين.
من جانبه، روى مؤيد حبيب، مدير مركز مقاربات للتنمية السياسية، حادثة سقوط برميل متفجر أثناء الصلاة على أحد الشهداء، ما أدى إلى استشهاد اثنين آخرين ودفنهم معاً، قائلاً: إن "الشهداء كانوا يُستشهدون أكثر من مرة".
أما الدكتور حسين عبد الوهاب الحسين، العائد من منفاه بعد 12 عاماً، فقد عبّر عن مشاعر الحاضرين بأنها مزيج من "الحزن الشديد والفرح الشديد"، كاشفاً عن استشهاد شقيقه مروان في معتقلات النظام البائد، حيث ادّعى الأخير وفاته بـ "جلطة قلبية"، قبل أن تظهر صورته في ملفات "قيصر" وتكشف تعرضه للتعذيب الوحشي.
يُشار إلى أن المجزرة أعقبها حصار خانق استمر أربع سنوات، مُنع خلالها دخول الغذاء والدواء، وتعرضت المدينة لقصف يومي بالبراميل المتفجرة والطيران الحربي، ما أدى إلى تدمير بنيتها التحتية وتهجير عشرات الآلاف بحلول عام 2016.