الإثنين, 25 أغسطس 2025 01:53 AM

تزامن الاستيراد وجني المحاصيل يكبّد مزارعي البطاطا في حمص خسائر فادحة

تزامن الاستيراد وجني المحاصيل يكبّد مزارعي البطاطا في حمص خسائر فادحة

سهيلة إسماعيل: يبدو أن معاناة مزارعي المحاصيل الاستراتيجية في محافظة حمص لا تختلف عن معاناة مزارعي الحمضيات في الساحل، حيث يواجهون صعوبات تبدأ من تأمين البذار وتنتهي بتسويق المحصول وتحمل الخسائر.

يثير هذا الوضع تساؤلات حول دور الجهات المعنية في حماية المزارعين وضمان حقوقهم، خاصة وأن هذه الجهات لا تتردد في الإعلان عن خططها لدعم القطاع الزراعي وأهميته في دعم الاقتصاد الوطني. ومع ذلك، يبدو أن هذا الدعم يقتصر على التصريحات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، مما يجعل المزارع الحلقة الأضعف والمتضرر الوحيد في العملية الزراعية.

يهدف هذا التحقيق إلى تسليط الضوء على الخسائر المادية الكبيرة التي تكبدها مزارعو البطاطا في ريف حمص الجنوبي هذا العام، نتيجة لصعوبات تسويق المنتج وغيرها من المشاكل التي يواجهونها.

البذار غالي الثمن

المزارع حمزة الشيخ من منطقة تل الشور في ريف حمص الجنوبي، أوضح أنهم يشترون بذار البطاطا من مؤسسة إكثار البذار بأسعار مرتفعة وبالدولار، وفقًا لتسعيرة المصرف المركزي. كما يتحملون تكاليف رش المبيدات الحشرية والأسمدة وارتفاع أسعار المحروقات، بالإضافة إلى أعمال مكلفة أخرى مثل التعشيب والعناية الدائمة. وأضاف أن العقبة الأكبر تكمن في تسويق المنتج وعدم التناسب بين التكلفة الحقيقية وسعر التسويق، حيث بيع الكيلو من النوعية الجيدة هذا الموسم بألفي ليرة سورية فقط، مع عدم وجود منافذ للتصدير إلى الخارج. وأشار إلى التغيرات المناخية التي تجلت بالجفاف وتدني نسبة الهطول، مما اضطرهم إلى سقاية الغراس بالمرشات وشراء صهاريج المياه، بالإضافة إلى أجور اليد العاملة والنقل، مما زاد من التكلفة وتسبب في خسائر كبيرة.

وأعرب عن أمله في أن تقدم الجهات المعنية بالقطاع الزراعي في المحافظة الدعم اللازم للتخفيف من الأضرار التي لحقت بمواسمهم.

نحتاج دعماً حكومياً

المزارع توفيق، من ريف حمص الجنوبي، أكد أن خسائر مزارعي البطاطا كبيرة جدًا هذا العام نتيجة لارتفاع سعر الكلفة وتدني سعر المبيع، وطالب بضرورة دعم المزارعين من خلال إعطائهم محروقات بالسعر المدعوم وتصدير الفائض عن السوق المحلية للمساهمة في التخفيف من خسائرهم وأعبائهم الكبيرة.

المزارع أكرم الأقرع، من الريف الجنوبي، زرع ٣٠ دنماً بطاطا، فكانت خسارته ٢٤ مليون ليرة سورية. وأوضح أن كمية البذار لدى مؤسسة إكثار البذار لم تكن كافية لجميع المزارعين، مما اضطرهم إلى اللجوء إلى القطاع الخاص، على الرغم من عدم ثقتهم بالبذار. وأشار إلى أن المؤسسة تطلب من المزارع سلفة من السعر، وبعد شهرين تطلب بقية المبلغ، مما جعل غالبية المزارعين يستجرون البذار من التجار.

وتابع الأقرع أن العوامل المناخية والجفاف وقلة المياه لعبت دوراً سيئاً هذا العام، بالإضافة إلى عدم توفر التيار الكهربائي وارتفاع أسعار المحروقات والأسمدة والمبيدات وأجور اليد العاملة.

وبحزن قال: “لقد تعبت أنا وأولادي وزرعت ثلاثين دونماً، وبدل أن أستفيد مادياً، تجاوزت خسارتي ٢٤ مليون ليرة سورية”.

وألقى المزارع أكرم اللوم على الجهات المعنية بالاستيراد، مبيناً أن هذه القضية لا تخص موسم البطاطا فقط، بل تنطبق على جميع المواسم، إذ يتم استيراد المواد الغذائية بالتزامن مع جني المحاصيل المحلية، فيزداد العرض ويقل الطلب، ما يؤثر سلباً على سعر المنتج المحلي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن بعض الأصناف المستوردة مصنفة عالمياً على أنها مواد علفية وليست للاستهلاك البشري.

المزارع ز. فياض من قرية ربلة، طالب الجهات المعنية بتقديم دعم حقيقي للمزارعين، من خلال توفير البذار وتأمين الأسمدة والمبيدات الموثوقة، ومنح المزارعين قروضاً ميسرة لتركيب الطاقة الشمسية وتأمين جميع مستلزمات العملية الزراعية، والوقوف بجانبهم عند سوء الأحوال الجوية والتعويض عليهم عند تعرضهم لخسائر مادية كبيرة.

أكثر من ٣٤ ألف طن إنتاج المحافظة

مدير مديرية الزراعة بحمص، المهندس محمد نزيه الرفاعي، ذكر أن زراعة البطاطا تتركز في قرى الريف الجنوبي (منطقة القصير، وتل الشور، وقطينة) بمساحة ٨٠٠ هكتار، ثم قرى المركز الشرقي بمساحة ٥١٠ هكتارات، وفي منطقة الرستن ٣٠٠ هكتار، وتتناقص المساحات المزروعة لتصل في المركز الغربي إلى ١٢٣ هكتاراً. أما في تلكلخ فتبلغ المساحة ٢٧ هكتاراً، وأصغر مساحة قابلة لزراعة البطاطا في منطقة المخرم، إذ تبلغ تسعة هكتارات فقط، وتقدر كمية الإنتاج في جميع مناطق المحافظة بـ 34,960 طناً. كما أكد الرفاعي أن خسارة المزارعين كانت بسبب الجفاف.

مؤسسة إكثار البذار

صحيفة الثورة، توجهت بسؤالها إلى مدير عام مؤسسة إكثار البذار في حمص الدكتور عمر عوض عن أسباب ما حصل مع مزارعي البطاطا في حمص، ولاسيما أن بعضهم اشتكى من سوء البذار. والذي بين أن المؤسسة تستورد كل عام بذار البطاطا، وهو مفحوص، ومعه شهادة صحية تثبت خلوه من الأمراض أو أي إشكالات أخرى، والمؤسسة ليست المصدر الوحيد للبذار في المحافظة، فهناك مصادر أخرى، وضعف الإنتاج هذا العام ليس بسبب البذار، بل بسبب ارتفاع درجة الحرارة خلال صب الدرنات، وفي هذه الحالة يتوجه النمو نحو الأعلى، أي المجموع الخضري، كما أن استخدام بعض أنواع المبيدات لحرق ومعالجة الأعشاب الضارة يؤثر سلباً على نمو الدرنات.

وعن غلاء أسعار البذار قال: الأسعار عادية ومعقولة، وخاصة بالنسبة إلى البذار المحلية، إذ يبلغ سعر الكيلو سبعة آلاف ليرة، وفي أغلب الأحيان يتم دعم المزارعين عن طريق صندوق دعم المزارع التابع لوزارة الزراعة. وقد يكون سعر البذار المستورد مرتفعاً بعض الشيء مقارنة بالمحلي، وهذه قضية لا نحددها نحن.

مشاركة المقال: