الأحد, 24 أغسطس 2025 08:05 PM

نقل مكب نفايات باب شرقي يثير استياء أهالي خيارة دنون بسبب التلوث والأضرار الصحية

نقل مكب نفايات باب شرقي يثير استياء أهالي خيارة دنون بسبب التلوث والأضرار الصحية

عنب بلدي – كريستينا الشماس

انتقلت معاناة أهالي منطقة "الإدعشرية" في باب شرقي بدمشق إلى أهالي بلدة خيارة دنون جنوبي الكسوة في ريف دمشق، وذلك بعد قرار محافظة دمشق بنقل مكب نفايات باب شرقي إلى محطة نقل النفايات بالكسوة.

تقع محطة نقل النفايات في بلدة خيارة دنون التابعة لمنطقة الكسوة، وهي منطقة سكنية تقع على طريق أوتوستراد درعا الدولي، الذي يعتبر خطًا حيويًا يربط محافظة دمشق بدول الخليج والأردن. هذه المحطة ليست جديدة، بل هي جزء من مجموعة محطات نقل القمامة التي أنشئت وفقًا للمخطط التوجيهي لإدارة النفايات الصلبة المعتمد من حكومة النظام السابق منذ عام 2006. كانت المحطة مخصصة في السابق لنفايات منطقة الكسوة فقط، ولكن الوضع تغير الآن لتصبح مكبًا لنفايات الكسوة ومحافظتي دمشق وريفها معًا، وفقًا لما ذكره أهالي بلدة خيارة دنون لعنب بلدي.

قوبل قرار محافظة دمشق، الذي صدر في تموز الماضي، بالرفض من قبل أهالي الكسوة، الذين نظموا مظاهرات للتنديد بالقرار، معتبرين أنه يشكل خطرًا على صحتهم وبيئتهم واقتصادهم، نظرًا لما يحمله من آثار سلبية كارثية على الحياة في المنطقة.

معاناة الأهالي

التقت عنب بلدي بعدد من أهالي بلدة خيارة دنون، الذين تحدثوا عن معاناتهم بسبب وجود محطة نقل نفايات في منطقتهم السكنية. أوضح جمال صباح، أحد سكان البلدة، لعنب بلدي، أن المكب كان مخصصًا في السابق لنقل نفايات منطقة الكسوة، ولكن بعد نقل مكب باب شرقي، أصبحت نفايات دمشق وريفها تُلقى فيه. وأشار إلى أنهم يعانون من انتشار الذباب وصعوبة النوم بسبب الحشرات ليلًا، بالإضافة إلى انبعاث الدخان والروائح الكريهة نتيجة احتراق النفايات. وأضاف جمال: "منذ إنشاء مكب النفايات في بلدتنا، انتشر مرض السرطان بكثرة في المنطقة، فلا تخلو عائلة من وجود فرد بها مصاب بالمرض".

وتحدث نادر محمد شافعي، من سكان البلدة، أن المنطقة قريبة من طريق أوتوستراد درعا الدولي الذي يعد واجهة البلد الواصل دمشق بدول الخليج. وذكر نادر أن الأهالي كانوا موعودين بتحويل موقع المكب إلى سوق "الهال" للخضار، لكنهم فوجئوا بتحويله إلى مكب لنفايات دمشق وريفها، ما أدى إلى انتشار النباشين بكثرة، وتراكم النفايات على أوتوستراد درعا وفي شوارع البلدة، مطالبًا بإبعاد المكب عن المناطق السكنية.

يحيى هواري، استذكر كيف كانت بلدته، خيارة دنون، أرضًا زراعية خضراء قبل أن تتأثر بإنشاء المعامل، ثم أتى المكب وأحدث الكارثة في البلدة، وكان من المقرر أن يكون مكانه سوقًا للخضار. وقال يحيى: "المكب يجلب لنا الأمراض والحشرات والروائح الكريهة، لا نستطيع النوم"، متسائلًا: "أيعقل وجود مكب نفايات لا يبعد سوى 100 متر عن أوتوستراد دولي، و500 متر عن تجمع الجامعات على طريق منطقة غباغب؟".

ويرى محمد صقر، من أهالي المنطقة، أن وجود مكب في منطقة سكنية أمر غير منطقي، فمنذ إنشاء محطة النفايات في منطقتهم بعهد النظام السابق وهم يعانون، مطالبًا الجهات المعنية والحكومة الحالية بالنظر بوضعهم ورفع "بلاء المكب" عنهم.

محطة النفايات في بلدة خيارة دنون بالكسوة بريف دمشق – 14 آب 2025 (عنب بلدي/أحمد مسلماني)

تضرر المعامل

لم تقتصر المعاناة على أهالي خيارة دنون، بل شملت أصحاب المعامل والمنشآت الصناعية الموجودة في منطقة الكسوة. محمد ياسين شموط، صاحب معمل أجبان وألبان في الكسوة، قال لعنب بلدي، إن معاناتهم مع الحشرات تضاعفت بعد نقل المكب، إذ باتوا يرشون المبيدات يوميًا دون جدوى، حيث يتجمع الذباب في المعامل المحيطة، وتتساقط القمامة من شاحنات النقل على أوتوستراد درعا الدولي. وأضاف محمد أن تراكم النفايات وانتشار النباشين أضر بعمله بشكل كبير، حتى إن أي زائر قد يمتنع عن التعامل معه إذا شاهد الوضع الحالي.

وأكد سامر عازار، صاحب مستودع مواد غذائية، أنه لا يستطيع مجاراة كمية المبيدات اللازمة لمكافحة الذباب، مشددًا على أن وجود مكب في منطقة صناعية وغذائية أمر غير مقبول، مطالبًا بنقله فورًا بسبب تضرر جميع الأهالي والمعامل المحيطة، فضلًا عن قربه من الأوتوستراد الدولي.

ووصف محمد الحسن، مدير العلاقات العامة في شركة "كان" للكيماويات، نقل المكب إلى المنطقة بأنه إجراء مجحف، لما يسببه من مشكلات بيئية وانتشار للروائح الكريهة والأمراض والكلاب الشاردة، مشيرًا إلى أن المنطقة تضم مستودعات ومعامل غذائية وكيماوية، فضلًا عن قربها من تجمع جامعات وعلى طريق دولي يمثل بوابة البلد.

وعود بالحل

عقد محافظ دمشق، ماهر مروان، ووفد من مديرية النظافة، لقاء مع أهالي ووجهاء منطقة الكسوة، لمناقشة نقل مكب النفايات إلى منطقتهم. وخلال اللقاء استعرض الأهالي ملاحظاتهم حول الأثر البيئي والصحي للمكب، فيما أكد المحافظ أن الموقع الحالي مؤقت لحين توصل اللجنة المشتركة بين محافظتي دمشق وريف دمشق إلى اتفاق على موقع بديل مناسب، لأن حال مكب باب شرقي هو الأسوأ لاندماجه مع السكان في وسط المدينة.

كما خلص الاجتماع إلى عدد من المخرجات العملية، أبرزها معالجة الأمور الفنية المتعلقة بآليات نقل القمامة وسيرها على الطريق، ومنع رمي القمامة خارج أسوار المحطة المؤقتة في الكسوة، والتشديد على الالتزام التام بضوابط التفريغ.

وقال مدير مديرية نظافة دمشق، عبدو وليد علوش، في تصريح سابق لعنب بلدي، إن مكب النفايات في منطقة "الإدعشرية" بباب شرقي كان بشكل مؤقت كما هو معروف، كمحطة وسيطة لنقل القمامة من مختلف أنحاء مدينة دمشق إلى المكب النهائي (المطمر) الخاص بالمدينة في منطقة الغزلانية- دير الحجر. وأوضح علوش أنه تم اختيار محطة نقل الكسوة لأنها محطة مبينة وجاهزة وقريبة من المدينة، وهي واحدة من مجموعة محطات نقل القمامة التي بنيت على عهد النظام السابق. وأضاف أنه منذ ذلك الحين، تم تقييم الأثر البيئي لجميع المحطات قبل تشييدها، مشيرًا إلى أن مساحة محطة نقل الكسوة تبلغ قرابة 2000 متر مربع، وتعود ملكيتها لمحافظة ريف دمشق، علمًا أن المحطة بعيدة عن التجمع السكاني.

ونوه علوش إلى أن محطة الكسوة هي محطة قائمة بالفعل قبل نقل قمامة مدينة دمشق إليها، ويتم نقل النفايات من القرى المجاورة إليها، كما يوجد عقد استثمار خاص بفرز النفايات، وأيضًا هناك عمال للمستثمر ضمن هذه المحطة.

محطة النفايات في بلدة خيارة دنون بالكسوة بريف دمشق – 14 آب 2025 (عنب بلدي/أحمد مسلماني)

ما الصعوبات

تحدث مدير مديرية نظافة دمشق، عبدو وليد علوش، عن الصعوبات التي واجهت المديرية بنقل نفايات مكب "الإدعشرية"، لأن موقع محطة الكسوة بعيد نسبيًا مقارنة بموقع محطة نقل باب شرقي، الأمر الذي قد يشكل فارقًا من ناحية دورة ترحيل الحاويات في المدينة، نظرًا إلى زيادة المسافة المقطوعة من قبل الآليات العاملة على ترحيل النفايات من مدينة دمشق.

كما يمكن تعرض الآليات لأعطال في أثناء الرحلة المقطوعة من منطقة التخديم الموكلة لها إلى محطة الكسوة، خاصة أن أغلب الآليات العاملة لدى مديرية النظافة هي آليات قديمة، وفقًا لعلوش.

وأوضح المشرف العام على قطاع البيئة في مديرية نظافة دمشق، صبري عباس، لعنب بلدي، أن من الصعوبات التي واجهت محافظة دمشق بنقل مكب "الإدعشرية"، قلة وجود أماكن مناسبة لمكب النفايات، إضافة إلى أن المكان يجب أن يكون قريبًا نوعًا ما من العاصمة، أي ألا يبعد بين دمشق وريفها أكثر من 15 كيلومترًا كحد أقصى.

مشاركة المقال: