أصبح مشهد الدراجات النارية مألوفًا في شوارع مدينتي تل أبيض ورأس العين شمالي سوريا، حيث يتجمع السائقون منذ الصباح الباكر بانتظار الزبائن لنقلهم أو نقل البضائع. يعتمد السائقون على أجور بسيطة تتناسب مع المسافة، لكن دخلهم اليومي بالكاد يكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية.
مصدر دخل في ظل الأزمة
في ظل غياب فرص العمل وتدهور الوضع الاقتصادي في المدينتين، تحولت الدراجات النارية إلى مصدر دخل رئيسي لكثير من السكان لتلبية احتياجاتهم اليومية. عماد كرم (25 عامًا)، خريج كلية العلوم السياسية بدمشق، لم يتمكن من إيجاد وظيفة مناسبة بعد تخرجه، ما اضطره للعمل على الدراجة النارية لتأمين معيشته وإعالة والده. وأكد عماد أن هذا العمل، رغم صعوبته، هو الخيار الوحيد المتاح له.
عرمان العامر (42 عامًا)، ترك عمله في الزراعة بسبب ضعف الدخل، ويعتمد الآن على الدراجة النارية لتأمين دخل ثابت لعائلته المكونة من ستة أفراد. وأشار إلى أن هذا العمل يوفر له دخلًا يوميًا أفضل من الزراعة التي تعتمد على المواسم.
بديل أرخص من سيارات الأجرة
فراس الحمدو، من مدينة رأس العين، لم يستأجر سيارة أجرة منذ أكثر من عام بسبب ارتفاع تكلفتها مقارنة بالدراجة النارية. فتكلفة التنقل بالدراجة لا تتجاوز 10,000 ليرة، بينما تصل تكلفة سيارة الأجرة إلى 25,000 ليرة. وأوضح فراس أنه يعتمد على الدراجة في تنقلاته اليومية لتوفير المال والوقت.
وبحسب رصد مراسل عنب بلدي، فإن تكلفة النقل بالدراجة النارية بين رأس العين وتل حلف تبلغ 20,000 ليرة، بينما تصل تكلفة سيارة الأجرة إلى 55,000 ليرة.
تأثير على سائقي سيارات الأجرة
يعارض سائقو سيارات الأجرة في تل أبيض ورأس العين انتشار الدراجات النارية، لأنها تقلل من فرص عملهم ومصادر رزقهم. حمزة الكيلان، صاحب عدة سيارات أجرة، يرى أن انتشار الدراجات النارية يمثل "سرقة واضحة" لرزقهم، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع تكاليف الوقود والصيانة.
جهود لتنظيم عمل الدراجات
تتعامل المجالس المحلية بحذر مع قضية الدراجات النارية، وتسعى لوضع قواعد تنظم عملها بما يوازن بين حماية الدخل وضمان النظام المروري. زياد ملكي، المتحدث الرسمي باسم المجلس المحلي في رأس العين، أكد أن المجلس يسعى لوضع قوانين تنظم عمل الدراجات النارية بهدف حماية حقوق جميع العاملين وتحقيق توازن بين وسائل النقل المختلفة.
تقع مدينتا رأس العين وتل أبيض بمحاذاة الحدود التركية وتسيطر عليهما الحكومة السورية، وتحيط بهما جبهات قتال باردة مع "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد).
مخاوف أمنية
سجلت المدينتان منذ عام 2019 وقوع 15 عملية قتل استخدمت فيها الدراجات النارية، مما أثار مخاوف أمنية وطالب السكان بزيادة الإجراءات الأمنية للحد من استغلال الدراجات في أعمال العنف.
الدراجات النارية.. من وسيلة نقل إلى أداة قتل