الإثنين, 1 سبتمبر 2025 06:38 AM

عودة الحياة إلى مقاهي دمشق: دور ثقافي متجدد أم مجرد بديل للمؤسسات؟

عودة الحياة إلى مقاهي دمشق: دور ثقافي متجدد أم مجرد بديل للمؤسسات؟

دمشق-سانا: بين من يراها شريكاً إبداعياً في المجال الثقافي ومن يعتبرها مهد التيارات الفلسفية والثقافية المتنوعة، تستعيد مقاهي دمشق العريقة، مثل مقهى النوفرة الذي يعود تاريخه إلى 500 عام، ومقاهي الهافانا والروضة والكمال، دورها بعد فترة من الركود.

يثير هذا التساؤل: هل تلعب هذه المقاهي اليوم، بعد زوال القيود، دوراً حقيقياً في الحراك الثقافي، أم أنها مجرد ملء للفراغ الذي تركته المؤسسات الثقافية؟

ملص: المقاهي الثقافية تعيد الحياة الفنية إلى سوريا

يرى الفنان محمد ملص أن عودة المقاهي في دمشق إلى دورها الثقافي يساهم في عودة الحياة الفنية إلى سوريا بحرية كاملة، من خلال النقاشات وطرح الأفكار والرؤى والانتقادات التي كانت محظورة سابقاً. ويأمل ملص في استمرار هذا التوجه وتوسيع فكرة "مسرح الغرفة" لنشر الثقافة في كل مكان.

العيسى: المقاهي مسألة اجتماعية أكثر منها ثقافية

بالمقابل، يؤكد الصحفي والكاتب يعرب العيسى أنه لا يوجد دور ثقافي للمقاهي بالأساس، فهي جزء من الفضاء العام ومسألة اجتماعية أكثر منها ثقافية. تكمن أهميتها في كونها مكاناً لالتقاء الناس، والدور الذي لعبته في المجتمع يعود لغياب الأماكن الثقافية الأخرى. ويشير إلى تجارب المقاهي الباريسية في مطلع القرن العشرين كمثال، حيث ظهرت حركات أدبية وفلسفية.

يوضح العيسى أن المقهى مكان للقاء الناس والتعبير عن اهتماماتهم المختلفة، وحين يكون الموضوع ثقافياً، يظهر هذا الدور الثقافي. ويلفت إلى أن النشاط الثقافي له أماكنه المتخصصة كالمسرح والسينما والمراكز الثقافية، ولا يمكن أن يحل المقهى محل الإعلام والأحزاب والمنتديات، بل هو جزء من المجتمع. ويرى أنه بعد فترة من الزمن، سيتجه الناس إلى أماكن ثقافية أخرى.

مقهى الروضة بدمشق.. تنفس الحرية بعد الأغلال

تصف نور عيسى، مديرة مقهى الروضة الذي تأسس عام 1938، الوضع قبل التحرير بأنه كان محفوفاً بالخوف والتقييد، مع قيود على استضافة الأنشطة. لكن بعد التحرير، أصبح الوضع أسهل ومصحوباً بالفرح والنشاط، حيث يستضيف المقهى المثقفين لتوقيع الكتب والروايات بحرية مطلقة.

تؤكد منى رسول، مديرة دار كنعان، أن مقهى الروضة كان ملتقى للمثقفين السوريين والعرب، لكنه أصيب بحالة ركود أثناء الثورة السورية، قبل أن يعود للنشاط بعد التحرير. ويشير سامر النمر، العامل في المقهى، إلى أن التفاؤل والأمان انتشرا بين رواد المقهى بعد أن كان يسوده الخوف والتوتر.

ويرى محمد عبد الله، أحد رواد المقهى، أن المقهى بات أكثر نشاطاً بعد التحرير، وأصبح منطلقاً للأعمال الجديدة.

فكرة مقهى السينما في دمشق القديمة

أعادت فكرة "مقهى السينما" في فندق بيك باش بحي باب توما بدمشق القديمة إحياء دور السينما، ليكون منصة للتواصل والحوار، وفقاً لصاحبته رغد الباش. وتؤكد الباش أن الهدف هو توفير فسحة للشعب السوري للتعبير عن رأيه دون خوف، ومكاناً للنقاش وتبادل الآراء.

الانتقادات: الربح المادي واختصارها على النُخب الثقافية

يعتبر لؤي محمد أن غاية المقهى من الأنشطة الثقافية هي الربح المادي، وأن الجهة المنظمة تختار المقهى لمصلحتها المادية. ويرى طلال سعيد أن هذه النشاطات ما زالت حكراً على النخب الثقافية، ويجب أن ينضم إليها كل أطياف المجتمع.

مشاركة المقال: