الإثنين, 1 سبتمبر 2025 03:27 AM

مخاطر النترات في مياه الشرب تدفع إلى إنشاء محطتي تنقية في عدرا الجديدة ويلدا بتمويل تشيكي

مخاطر النترات في مياه الشرب تدفع إلى إنشاء محطتي تنقية في عدرا الجديدة ويلدا بتمويل تشيكي

عنب بلدي – لبابة الطويل: في ظل أزمة الجفاف التي تعصف بسوريا، يواجه سكان مناطق ريف دمشق تحديات جمة بسبب نقص المياه وتلوث مياه الشرب. هذه الأزمة ليست وليدة اليوم، فقد عانت العديد من البلدات في ريف دمشق من انقطاعات طويلة في مياه الشرب على مر السنين، خاصة مع الحصار والحرب التي شنها النظام السابق، وتراجع دور الدولة وعدم تأهيل الشبكات ومحطات الضخ والمعالجة.

أعلنت المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي بريف دمشق عن توقيع عقد لتنفيذ محطتين لتنقية المياه في بلدتي عدرا الجديدة ويلدا، وذلك بتمويل كامل من السفارة التشيكية في دمشق، وبقيمة تقديرية بلغت 830 ألف دولار، وفقًا لما نشرته المؤسسة عبر صفحتها على “فيسبوك” في 7 آب الحالي. وأشار مدير المؤسسة إلى أن إنشاء هاتين المحطتين يأتي بهدف معالجة ارتفاع نسب مادة “النترات” في المياه إلى مستويات تتجاوز الحدود المسموح بها، الأمر الذي يشكل خطرًا على صحة السكان.

مخاطر صحية وإرهاق مالي

ينتظر أهالي بلدة يلدا بفارغ الصبر دخول المحطة الخدمة، بعد سنوات من الاعتماد على مصادر بديلة للمياه بسبب الأعطال المتكررة في الشبكات وتلوث المياه. تحدثت سناء النونو، وهي ربة منزل من يلدا، إلى عنب بلدي عن معاناتها قائلة: “في كثير من الأيام، لا تصلنا المياه عبر الشبكة، فنضطر إلى شراء مياه الصهاريج”.

غالبًا ما تكون مياه الصهاريج باهظة الثمن وغير مضمونة الجودة، مما يتسبب في مشاكل صحية متكررة للأطفال، مثل آلام البطن والإسهال. وأوضح محمد الحمصي، وهو موظف في إحدى الدوائر الحكومية ويسكن في يلدا، لعنب بلدي أن العبء الأكبر على السكان يكمن في التكلفة المادية، حيث تحتاج العائلة باستمرار إلى شراء كميات إضافية من المياه، مما يرهق ميزانيتها الشهرية. كما أن الأعطال المستمرة في مضخات المياه تؤثر على إمدادات المياه المنتظمة للسكان.

“مؤسسة المياه” توضح سبب المشروع

أوضح مدير مؤسسة مياه دمشق وريفها، أحمد درويش، في حديث إلى عنب بلدي، أن اختيار عدرا الجديدة ويلدا جاء بعد إجراء اختبارات معملية لمياه الشرب فيهما، والتي أظهرت نتائجها ارتفاعًا في نسب مادة “النترات” إلى مستويات تتجاوز الحدود المسموح بها، وفقًا للمواصفات القياسية السورية.

وقال درويش: “تعتبر النترات من المواد السامة التي تسبب أضرارًا صحية عند ارتفاع نسبها في مياه الشرب، ولا بد من معالجتها لخفضها إلى ما دون 50 ملغ/ليتر، وهو الحد المسموح به في المواصفات السورية”. وأضاف أن هذا الوضع استدعى إنشاء محطتي معالجة قادرتين على تنقية المياه وضمان سلامتها قبل وصولها إلى السكان.

القدرة الاستيعابية والفوائد المتوقعة

ستبلغ القدرة الإنتاجية لكل من المحطتين المزمع إنشاؤهما حوالي عشرة أمتار مكعبة من المياه في الساعة، ومن المتوقع أن يستفيد من كل محطة حوالي عشرة آلاف شخص، وفقًا لمدير مؤسسة المياه. وأضاف درويش أن المشروع ممول بالكامل من السفارة التشيكية، دون أي مساهمة مالية من المؤسسة أو المحافظة، مشيرًا إلى أن التنفيذ سيبدأ في نهاية آب الحالي، على أن تنجز الأعمال خلال شهرين، بحيث تدخل المحطتان الخدمة مع نهاية تشرين الأول المقبل.

سيتم توزيع المياه المنتجة عبر شبكات خاصة بمياه الشرب، وصولًا إلى مناهل مخصصة للاستخدام المنزلي، لتأمين مياه مطابقة للمواصفات القياسية السورية من حيث نسبة النترات وسلامة الاستهلاك.

خطط مستقبلية

أشار مدير مؤسسة المياه إلى أن المؤسسة أنجزت سابقًا أربع محطات مماثلة في مناطق مختلفة من ريف دمشق، وهي حاليًا بصدد تشغيل محطتين جديدتين، من بينها محطتا عدرا ويلدا. كما توجد خطط لتشييد محطات أخرى في مواقع تظهر فيها نسب تلوث مرتفعة تجعل المياه غير صالحة للشرب.

أزمة مستمرة في ريف دمشق

وثقت عنب بلدي في تقرير سابق معاناة سكان بلدات عدة من نقص المياه، حيث يضطر الكثير منهم إلى الاعتماد على شراء المياه من الصهاريج بأسعار مرتفعة، وسط غياب الرقابة الكافية على جودة تلك المياه. وأشار التقرير إلى أن ضعف التمويل المخصص لمشاريع المياه يفاقم الأزمة، حيث غالبًا ما تتأخر أعمال الصيانة وتبديل الشبكات المهترئة، مما يترك السكان أمام خيارات محدودة ويزيد من الأعباء الاقتصادية والصحية.

مشاركة المقال: