الإثنين, 1 سبتمبر 2025 03:27 AM

إدلب المنكوبة: نقص حاد في المراكز الصحية والخدمات الطبية الليلية

إدلب المنكوبة: نقص حاد في المراكز الصحية والخدمات الطبية الليلية

عنب بلدي – كريستينا الشماس – لا تزال المناطق المدمرة في إدلب وريفها تعاني من نقص حاد في الخدمات الطبية، وذلك نتيجة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للمراكز الصحية والمستشفيات خلال سنوات الحرب. وعلى الرغم من عودة بعض الأهالي إلى هذه المناطق، إلا أن ما تم إعادة تشغيله حتى الآن يقتصر على عدد قليل من المراكز التي تقدم خدمات إسعافية ورعاية أولية محدودة، في حين أن الحاجة لا تزال قائمة لتأهيل المستشفيات والمراكز الرئيسية القادرة على تلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان.

تحدث أهالٍ لـ عنب بلدي عن معاناتهم بسبب قلة المراكز الصحية في مناطقهم، في الوقت الذي تعمل فيه مديريات الصحة ومنظمات محلية على إعادة تأهيل المرافق الطبية ضمن الإمكانيات المتاحة.

قلة المراكز الصحية

ياسمين المصطفى، التي هُجّرت مع عائلتها إلى مخيمات "البردقلي" وعادت بعد سقوط النظام إلى منطقة خان شيخون بإدلب، أوضحت لـ عنب بلدي أن المرضى يواجهون صعوبة في الحصول على الخدمات الطبية. وأشارت ياسمين إلى وجود مركز صحي وحيد في مدينة خان شيخون أعيد تأهيله، ويضم عيادات للأطفال والداخلية والنسائية وفني مختبر. ومع ذلك، فإن هذا المركز لا يكفي لتلبية احتياجات المرضى، حيث ينتظر البعض يومًا كاملاً لتلقي العلاج بسبب الأعداد الكبيرة من الأهالي الذين يتوافدون إليه.

وأضافت ياسمين: "تلقي العلاج في هذا المركز مرهون بحجز دور، وقد تنتظر يومًا كاملاً دون جدوى"، مما يضطرها للذهاب إلى مستشفيات إدلب لتلقي العلاج.

أحمد عبود، وهو مهجر من معرة النعمان إلى مدينة الباب بريف حلب منذ ست سنوات، تحدث لـ عنب بلدي عن الواقع الصحي المتردي في معرة النعمان جنوبي إدلب. وأشار أحمد إلى أن الأهالي الذين عادوا إلى معرة النعمان بعد سقوط النظام السابق يواجهون صعوبة في الحصول على الخدمات الطبية، حيث لا توجد نقاط طبية قريبة من المستشفيات والمراكز الصحية.

وأوضح أحمد أنه في حال احتاج أحد الأهالي لإجراءات إسعافية، فإنه يضطر لقطع عشرات الكيلومترات للوصول إلى مناطق فيها مراكز صحية، مثل أريحا أو مدينة إدلب. وأضاف أنه تم ترميم مركز صحي، لكنه يقدم خدماته بالحد الأدنى، وتقتصر على الخدمات الإسعافية، إضافة إلى قسمي النسائية والداخلية، ورغم ذلك لا تكفي احتياجات الأهالي.

واستجابة لمناشدات الأهالي، عملت بعض منظمات المجتمع المدني على إقامة عيادات متنقلة، لكنها اقتصرت على تلبية الحالات الإسعافية، بحسب أحمد. وأضاف: "تأتي العيادات في الصباح وتغادر في الظهيرة، وفي حال تعرض أحد المواطنين لحالة صحية في المساء، فإنه يضطر إلى مغادرة المدينة بحثًا عن خدمات طبية".

وينتظر أهالي معرة النعمان إعادة تأهيل المستشفى "الوطني" الذي يخدم ريفها الشرقي والغربي، فهو قادر على استقبال عدد أكبر من المواطنين. وناشد أحمد الجهات المعنية بـ "إعادة تفعيل خدمات مستشفى المعرة الوطني في أقرب وقت ممكن".

مشروع تأهيل

أعلن محافظ إدلب، محمد عبد الرحمن، في 29 من تموز الماضي، عن إطلاق مشروع لإعادة تأهيل 30 مركزًا صحيًا متضررًا في ريف إدلب الجنوبي. وجاء ذلك عقب جولات ميدانية مع مدير صحة إدلب، سامر عرابي، واجتماعات مع الكوادر الطبية لتقييم الاحتياجات.

وقال رئيس شعبة الرعاية الصحية في مديرية صحة إدلب، إحسان العبد الله، لـ عنب بلدي، إن أغلب مشاريع إعادة التأهيل للمراكز الصحية تركزت في ريف إدلب الجنوبي والشرقي المحرر حديثًا، والذي تعرض لتدمير البنية التحتية في الفترة الأخيرة.

وأوضح العبد الله أن الخدمات الطبية تشمل الرعاية الصحية الأولية الأساسية من عيادات وإسعاف وصيدلية، وتوفير خدمة اللقاح التي تأتي من أولويات الخدمة الطبية، إضافة إلى الخدمات التخصصية لبعض المراكز، وذلك بحسب حجم المركز والتعداد السكاني في المنطقة وضرورة الخدمة.

وتمثلت أغلب الصعوبات أمام إعادة تأهيل المراكز الصحية، بالدمار الشديد في الأبنية والبنية التحتية للمراكز، والتي تتطلب وقتًا وتكلفة مالية كبيرة لإنجاز الترميم، فضلًا عن نقص اليد العاملة.

وفيما يخص معايير اختيار المراكز الصحية، بيّن العبد الله أن ذلك تم بناء على الرؤية المستقبلية للخارطة الصحية في محافظة إدلب خاصة بالمناطق المحررة حديثًا، بالإضافة إلى اعتماد المنشآت الطبية الموجودة سابقًا وهي ملك لوزارة الصحة أو مديرية صحة إدلب.

ولفت العبد الله إلى أنه لا يمكن تقدير التكلفة الإجمالية بدقة، لأن المشروع مجزأ وكل منظمة أو داعم سيتولى جزءًا من المشروع، مشيرًا إلى أنه "لا يوجد جدول زمني واضح، إذ إن المشاريع لم تنطلق في وقت واحد، لكن من المتوقع انتهاء الترميم في نهاية شهر أيلول".

وأشار إلى أن الترميم يجري بالتعاون بين منظمات محلية ودولية، وهي تمول جزءًا كبيرًا من هذا المشروع، ويتم التنسيق مع مديرية صحة إدلب ووزارة الصحة، ويُتابع من قبل المكتب الهندسي في المديرية.

وحول الخطط المستقبلية التي تعمل عليها مديرية الصحة في إدلب، نوه العبد الله إلى أنها تشمل ترميم وتأهيل جميع المراكز الصحية والمستشفيات، وإعادة تشكيل الخارطة الصحية وتوزيع الخدمات الطبية بشكل عادل حسب الاحتياج بما يضمن سهولة الوصول ويوفر الخدمات الطبية المجانية لجميع السكان.

بنى تحتية مدمرة

حول الوضع الصحي الحالي في ريف إدلب، أوضح العبد الله أن البنى التحتية في الريف الجنوبي والشرقي مدمرة بالكامل، وتعتمد الخدمات الطبية في هذه المناطق على نقاط طبية وفرق جوالة وعيادات متنقلة، وهي غير كافية لكنها حل إسعافي مؤقت حتى ينتهي مشروع الترميم والتأهيل.

وتوجد خطة من مديرية صحة إدلب لتغطية هذه المراكز بالكوادر الطبية والأدوية والمستلزمات بعد الانتهاء من إعادة التأهيل، وذلك عبر التنسيق مع وزارة الصحة، أو بالشراكة مع منظمات محلية ودولية، بحسب العبد الله.

كما ذكر العبد الله أن ما ستقدمه المراكز هو خدمات الرعاية الصحية الأولية، التي تشمل العيادات (الأطفال والداخلية والنسائية) وخدمة الإسعاف، واللقاح، والصيدلة، ومن الممكن أن يضاف إلى بعض المراكز مخبر التحاليل الطبية، وعيادات الصحة النفسية، وعيادات سوء التغذية، ويرجع ذلك إلى تعداد السكان وحجم المركز الصحي والقدرة على تقديم الخدمة.

مشاركة المقال: