النظافة ليست مجرد ترتيب للأماكن وإزالة للقمامة، بل هي مرآة تعكس حضارة المجتمع وثقافته. فالشوارع النظيفة والحدائق المرتبة تحكي قصة مجتمع واعٍ يحترم محيطه، وتصوّر حضارة المدينة في عيون سكانها وزوارها.
في بلدنا، يواجه هذا المظهر الحضاري تحديًا واضحًا، فالقمامة الملقاة في الحارات والأحياء والقرى تشوه البيئة وتؤثر في الصحة العامة. كل ورقة مبعثرة أو عبوة مهملة تترك أثرًا أكبر من مجرد قبح المنظر، فهي رسالة عن التهاون بالمكان وبالآخرين.
تبذل البلديات جهودًا كبيرة ضمن إمكاناتها المتاحة للحفاظ على النظافة، لكنها وحدها غير قادرة على رسم هذا المشهد الحضاري. فالنظافة مسؤولية مشتركة تتطلب التزام كل فرد بالقواعد واحترام الأماكن العامة، والتعاون الدائم مع الجهة المكلفة.
إن التخلص السليم من المخلفات والمحافظة على الحدائق والشوارع خطوات تعكس وعيًا جماعيًا وتظهر الوجه الحضاري للمجتمع في كل زاوية وحي. عندما يلتزم كل فرد بدوره، ويصبح التعاون عادة يومية، تتحقق بيئة نظيفة وصحية، ويتعاظم المظهر الحضاري في كل شارع وحديقة وبيت، كأنه لوحة متقنة تعكس روح المجتمع وثقافته.
النظافة ليست رفاهية، بل عنوان حضاري ومسؤولية جماعية، ولا يمكن لأي جهة أن تحققها دون مشاركة فعلية ووعي حقيقي من كل مواطن. لنحوّل كل شارع وبيت وحديقة إلى دليل حي على حضارتنا، ولنثبت أن النظافة ليست مجرد فعل، بل صورة ناصعة تعكس وعينا وروحنا.
طرطوس مدينة جميلة… ليست بجمال شواطئها الزرقاء وحدها، ولا بخضرة جبالها وسحر طبيعتها، بل بطيبة قلوب أهلها التي تضفي على كل حي دفئًا خاصًا. في كل حارة وحي، ينبض إحساس بالانتماء والفخر بالهوية، ويتجلى احترام الإنسان لمجتمعه ومحيطه.
فلتكن طرطوس جميلة أيضًا بنظافة أحيائها وشوارعها وقراها، لنحوّل كل شارع وحديقة وقرية إلى لوحة حية تنبض بالحياة والنقاء، حيث يتلاقى جمال الطبيعة مع صفاء الإنسان. لنترك بصمة في كل مكان، بصمة تعكس روح المدينة وحضارتها، وتجعل من النظافة جزءًا من هويتها.
كل فرد منا قادر على أن يجعل بيئته أنقى، وأن يشارك في رسم صورة مدينته كما تستحق أن تُرى: مدينة مشعة بالحياة، مرتبة، تحمل عبق الانتماء، وتفيض جمالًا وهدوءًا. لنحافظ على رونق طرطوس، ولنضف إلى روعتها مزيدًا من الجمال والحضارة، لتظل نموذجًا حيًا على انسجام الإنسان مع بيئته، وامتدادًا حقيقيًا لطيبة قلوب أهلها.
(موقع اخبار سوريا الوطن-1)