الثلاثاء, 9 سبتمبر 2025 06:38 PM

نحو تعليم المستقبل: كيف تستعد التكنولوجيا والمهارات لعالم 2030؟

نحو تعليم المستقبل: كيف تستعد التكنولوجيا والمهارات لعالم 2030؟

راغب ملّي: بينما تتهيأ الفصول الدراسية المعتادة على الحفظ والتلقين لاستقبال حقبة جديدة، تبرز الحاجة إلى مهارات مختلفة تمامًا. فالعام 2030 لن ينتظر الأنظمة التعليمية البطيئة، وسوق العمل تتطلب الإبداع والذكاء الرقمي وآفاقًا أوسع. هذه الحقائق كانت محور نقاش "النهار" مع الدكتورة منى صوان، الخبيرة في القيادة التربوية ومؤسِّسة Empowering Educators Academy، التي تسعى لتمكين المعلمين من دمج التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في التعليم، بهدف بناء بيئات تعلم حديثة وتفاعلية.

جيل 2030 ومهارات المستقبل

تؤكد صوان أن ملامح سوق العمل في عام 2030 ستختلف جذريًا عما نعرفه اليوم. ويشير المنتدى الاقتصادي العالمي بوضوح إلى أن المهارات المطلوبة لن تقتصر على الحفظ والتكرار، بل ستشمل التحليل والإبداع والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والمرونة والوعي البيئي. والسؤال المطروح: هل أنظمتنا التعليمية في لبنان والمنطقة العربية مستعدة لهذه التحولات؟

التكنولوجيا التعليمية كجسر نحو المستقبل

وتضيف صوان أن التعليم التقليدي لم يعد كافيًا لمواجهة هذه المتغيرات. وقد بدأت مؤسسات تربوية في لبنان بفتح المجال أمام المعلمين لاستخدام الأدوات الرقمية في الفصول. فعلى سبيل المثال، تنظم نقابة تكنولوجيا التربية في لبنان ورش عمل تدريبية متخصصة للمعلمين حول التفكير النقدي والابتكار والذكاء الاصطناعي في التعليم، مما يعكس وعيًا متزايدًا بأهمية دمج التكنولوجيا في العملية التعليمية. هذه المبادرات تبشر بتحول ممكن، لكنها تحتاج إلى دعم أوسع وتعاون بين المدارس الرسمية والخاصة لضمان وصولها إلى كل طالب.

من الصف إلى سوق العمل

وترى صوان أن ميزة التكنولوجيا التعليمية لا تقتصر على المعرفة النظرية، بل تقرّب المتعلم من بيئة العمل الحقيقية:

  • الطالب الذي يتعلم الأمن الرقمي من خلال تدريبات عملية يعيش تجربة تحاكي ما يحتاجه أي موظف في شركة تقنية.
  • والتلميذ الذي يستخدم منصات التعاون الرقمية مثل Padlet أو Google Workspace ليقود مشروعًا مع زملائه، يكتسب مهارات القيادة والعمل الجماعي باكرًا.
  • وحتى المشاريع البيئية الرقمية، مثل إنشاء حملات توعية عبر Canva أو فيديوهات قصيرة على منصات تفاعلية، تجعل الاستدامة البيئية جزءًا من التعلم العملي، وليس مجرد درس في كتاب.

المعلم في قلب التغيير

وتضيف صوان أن دور المعلم يبقى أساسيًا، فهو لم يعد ناقلًا للمعلومة، بل ميسّرًا وموجهًا يساعد الطلاب على تطوير مهارات التفكير والتعلم مدى الحياة والمرونة في مواجهة التغيير. ومن خلال الورش التدريبية المتزايدة التي تقودها مؤسسات محلية مثل نقابة تكنولوجيا التربية، يتضح أن الاستثمار في المعلم هو الاستثمار الأذكى لمستقبل أبنائنا.

قاعدة 80/20 في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي

وتوضح صوان أنه في زمن تتسارع فيه الابتكارات التكنولوجية، يقف التربوي أمام سؤال محوري: هل نحن بحاجة إلى مزيد من الأدوات الرقمية أم إلى الاستخدام الأذكى لها؟ وتضيف أن قاعدة 80/20 أو مبدأ باريتو، تذكرنا بأن ليس المهم أن نُكثر من الأدوات، بل أن نُحسن اختيار ما هو مؤثر منها.

وتشرح صوان:

  • 20% من البيانات العالية الجودة قادرة على أن تعطي 80% من دقة النموذج.
  • أتمتة 20% من المهمات المتكررة مثل التصحيح أو إعداد التقارير يمكن أن توفر للمعلم 80% من وقته ليتفرغ للتفاعل مع طلابه.
  • حتى المستخدمين العاديين لهذه التقنيات غالبًا ما يكتفون بخصائص محدودة، لكنها تمنحهم النسبة الكبرى من الفوائد.

وتشير صوان إلى أن التجربة الميدانية في المدارس والورش التدريبية تؤكد أن 20% من الأدوات الرقمية مثل Google Forms أو Padlet تكفي لتغطية معظم احتياجات الصف الدراسي. بعض الطرق التفاعلية البسيطة، كالتعلم التعاوني أو الألعاب الصفية، تحقق النسبة الكبرى من تفاعل الطلاب وتحفيزهم. أما على مستوى إدارة الصف والوقت، فإن اعتماد حلول رقمية لأتمتة الحضور أو الواجبات يختصر 80% من العبء الإداري المرهق، ويعيد للمعلم دوره الحقيقي كموجّه وداعم لرحلة التعلم.

لماذا تهمنا هذه القاعدة؟

وتقول صوان إن هذه القاعدة تضع المعلم في موقع القيادة بدلًا من أن يكون أسيرًا لتعدد المنصات، وتدعونا إلى التركيز على الجودة بدلًا من الكمية، وعلى اختيار الأدوات التي تُحدث فرقًا ملموسًا بدلًا من الانبهار بالمستجدات التكنولوجية غير الضرورية.

وتختم صوان بأن قاعدة 80/20 تذكرنا بأن سرّ النجاح في دمج الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا التعليمية لا يكمن في الإفراط في الاستهلاك، بل في حسن الاختيار. وإذا عرف المعلم أن 20% من الأدوات والاستراتيجيات تحقق له 80% من الأثر، فسيصبح التعليم أكثر فعالية، والإدارة أكثر سلاسة، والتعلم أكثر متعة. مهارات 2030 مسؤولية تبدأ اليوم، والتعليم لم يعد كتاباً نقرأه، بل تجربة رقمية نعيشها بكل تفاصيلها.

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: