الخميس, 11 سبتمبر 2025 02:16 PM

سياسة الاغتيالات الإسرائيلية: استراتيجية ردع أم تصعيد إقليمي؟

سياسة الاغتيالات الإسرائيلية: استراتيجية ردع أم تصعيد إقليمي؟

تتزايد التساؤلات حول جدوى سياسة الاغتيالات التي تتبعها إسرائيل في عهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. فبينما يعتبرها البعض أداة فعالة لفرض الردع وإظهار القوة، يحذر خبراء من أنها قد تؤدي إلى نتائج عكسية على المدى الطويل.

إسرائيل تواجه تحدياً كبيراً: هل يمكن لهذه "الحرب الخفية" تحقيق أهداف استراتيجية دون إشعال المنطقة بأكملها؟

الاغتيالات المستهدفة تعتبر أداة رئيسية في الاستراتيجية الأمنية والسياسية التي يتبعها نتنياهو.

الخبير في شؤون الشرق الأوسط وإسرائيل، الدكتور حسن مرهج، يرى أن هذه السياسة تستخدم لإظهار القوة وإعادة ترسيخ معادلات الردع. لكنه يشير إلى أن فعاليتها مؤقتة، حيث "تنجح في إرباك هياكل القيادة لدى الخصوم جزئياً، وتخفق في القضاء على وجودهم التنظيمي أو منعهم من إعادة بناء صفوفهم وقياداتهم. فسياسة الاغتيالات، بالرغم من استمرارها لعقود، لا تستطيع تحقيق حسم نهائي أمام حركات مقاومة تتمتع بعمق شعبي مثل حماس وحزب الله".

بعد هجوم السابع من أكتوبر، اكتسبت هذه السياسة بعداً جديداً، حيث أصبحت تستخدم لإعادة بناء صورة الردع الإسرائيلية، وتوجيه رسائل استراتيجية مفادها أن إسرائيل قادرة على الوصول إلى أهدافها في أي مكان وزمان، حتى في بيئات إقليمية محصنة. تجلى ذلك في عمليات طالت إيران، واغتيال شخصيات بارزة مثل إسماعيل هنية، ووزراء في الحكومة اليمنية. هذه الرسائل، التي تتجاهل القوانين الدولية، خلقت شعوراً لدى الخصوم بأن أي قيادة معادية قد تكون في مرمى التصفية.

بالرغم من فعاليتها التكتيكية، تحمل هذه السياسة كلفة سياسية ودبلوماسية كبيرة، كما يقول مرهج. فتفيذ الاغتيالات داخل عواصم عربية أو إقليمية يضع الدول المضيفة أمام تحديات سيادية وأمنية معقدة، ويخلق توترات تصعب السيطرة عليها في علاقاتها مع إسرائيل.

يحذر مرهج من أن الاستخدام المفرط لهذه الأداة، دون حساب دقيق للتوازنات الإقليمية، يمكن أن يؤدي إلى تصعيد واسع النطاق أو حتى اندلاع حروب إقليمية مفتوحة. وبهذا، تصبح الاغتيالات سلاحاً ذا حدّين: تعزز الردع على المدى القصير، لكنها تهدّد الاستقرار على المدى الطويل.

أستاذ العلاقات الدولية والخبير في الشأن الإسرائيلي، الدكتور حسين الديك، يعتبر أن سياسة الاغتيالات التي تنتهجها إسرائيل ليست وسيلة فعالة لردع خصومها، بل قد تزيد من حدة الصراع.

يذكر الديك أن إسرائيل استخدمت هذه السياسة على مدار عقود طويلة في لبنان وتونس والأردن لاغتيال قادة فلسطينيين، لكنها لم تحقق هدفها النهائي، بل أدّت إلى مزيد من التصعيد.

يوضح الديك أن هذه الاغتيالات ليست مجرد عمليات فردية، بل هي جزء من استراتيجية إسرائيلية أوسع لإضعاف الخصوم. ولكن هذه الاستراتيجية لن تكون بديلاً من إيجاد حلول حقيقية، ولن تمنح إسرائيل تفوّقاً استراتيجياً كاملاً.

يحذر من أن تنفيذ الاغتيالات داخل دول أخرى يمثل انتهاكاً لسيادتها، ويهدد القانون الدولي وقد يدفع ببعض الدول العربية إلى مراجعة علاقاتها مع إسرائيل، وربما يتسبب بمواجهة ديبلوماسية في الأمم المتحدة.

برأي الديك، هذه العمليات قد تؤدّي إلى نتائج عكسية، مؤكداً أن أي محاولة إسرائيلية لتنفيذ اغتيالات في دول مثل مصر أو تركيا ستكون لها عواقب وخيمة، وقد تُدخل إسرائيل في حروب طويلة المدى، وتؤثر على علاقاتها مع حلفائها الأوروبيين.

مشاركة المقال: