أثار الإعلان عن تصدير أول شحنة نفط سورية منذ 14 عاماً تساؤلات عدة، حيث قام صحفي سوري متخصص في الشأن الاقتصادي بطرح ثلاثة أسئلة مهمة في هذا السياق. وتأتي هذه التساؤلات على خلفية الإعلان الرسمي عن تصدير 600 ألف برميل نفط خام ثقيل من ميناء طرطوس على متن ناقلة يونانية باسم "نيسوس كريستيانا".
السؤال الأول الذي طرحه عدنان عبد الرزاق يتعلق بالشركة "المجهولة" التي قامت بشراء هذه الشحنة. هذه الشركة، المسماة "بي سيرف إنرجي"، لم تكن معروفة بأي نشاط تجاري سابق، إلا من خلال ارتباطها الحديث والمفاجئ بشركة "بي بي إنرجي" النفطية (BB Energy) المعروفة بنشاطها الدولي منذ ستينيات القرن الماضي، والتي تمتلك مكاتب ومراكز تجارية في دبي ولندن وسنغافورة وهيوستن بولاية تكساس الأمريكية.
وفي مقال له بعنوان "عن عودة تصدير النفط السوري المحيّر" في صحيفة "العربي الجديد"، تساءل عدنان عبد الرزاق عن وجهة هذه الشحنة النفطية السورية، مشيراً إلى أن الأخبار والتصريحات الرسمية لم تذكر البلد المستورد، الأمر الذي أثار التكهنات والتخمينات، والتي ذهب بعضها إلى أن الشركة المذكورة قد تأسست خصيصاً لاستيراد النفط السوري، وأن مكتب "بي بي إنرجي" في دبي DMCC (Gulf) هو من قام بشراء الشحنة.
كما تساءل الكاتب عن سبب التكتم وعدم الإفصاح عن معلومات حول الشركة المحدثة، ووجهة صادرات النفط السوري، وحتى سعر التصدير.
أما السؤال الثالث والأهم، بحسب عبد الرزاق، فهو: من أين حصلت سورية على 600 ألف برميل نفط خام لتصديرها، في حين أن الدولة لا تسيطر إلا على مناطق لا يتجاوز إنتاجها اليومي 20 ألف برميل، وأن معظم مناطق الإنتاج المقدرة بنحو 80 ألف برميل، شمال شرقي سورية، لا تزال تحت سيطرة "قسد"؟
ويثير الصحفي السوري علامات استفهام حول تصدير هذه الشحنة في الوقت الذي تسعى فيه الدولة جاهدة لاستيراد وتأمين احتياجاتها الداخلية المقدرة بنحو 200 ألف برميل يومياً، متسائلاً: لماذا لم تقم سورية بتكرير النفط الخام في مصفاتي حمص وبانياس اللتين عادتا إلى العمل، لتوفير عناء التصدير وتكاليفه، وإعادة الأمل والعمل إلى المصفاة والعاملين فيها؟
ويدعو الكاتب في ختام مقاله إلى الإفصاح ومكاشفة السوريين بواقع ثرواتهم وعائدات تصديرها، معتبراً ذلك أولوية قصوى لبناء الثقة قبل بناء البلد وإعماره، ومذكراً بالعرف الذي كان سائداً في عهد النظام السابق، حيث كان النفط، إنتاجاً وتصديراً، من أسرار الدولة، وممنوعاً على الشعب معرفة مصادر دخل وطنه وموطن إنفاقها.
ويختتم مقاله بالتساؤل: إذا كانت السرية والأسئلة المعلقة تحيط بأول شحنة تصدير نفط بعد تحرير سورية، فما هو المتوقع حول قطاع يوصف بأنه كلمة سر الاقتصاد السوري وقوته؟