يرى الباحث السياسي في الشأن السوري رضوان الأطرش أن خريطة الطريق الثلاثية التي أعلنتها وزارة الخارجية بشأن السويداء تحمل أبعاداً سياسية وأمنية واجتماعية متعددة، ولكل منها دلالاته.
وفي تصريح خاص لـ”الوطن”، أوضح الأطرش أن أولى الدلالات السياسية هي الاعتراف الرسمي بالأزمة، حيث يشير إعلان وزير الخارجية أسعد الشيباني إلى أن دمشق لم تعد تعتبر الأحداث في السويداء مجرد "اضطرابات محلية"، بل أزمة سياسية–اجتماعية تتطلب معالجة خاصة.
وأضاف أن البُعد الدولي والإقليمي يظهر من خلال إشراك الأردن والولايات المتحدة في الخطة، مما يعكس رغبة الحكومة في إضفاء شرعية دولية وضمان دعم سياسي للمبادرة، وحل الأزمة ضمن السياق السوري. كما تمثل الخطة رسالة طمأنة للأقليات، عبر الالتزام بمكافحة خطاب الكراهية وسن تشريعات تجرّم التمييز، في محاولة لاستعادة ثقة المكوّن الدرزي الذي شعر بالعزلة في السنوات الأخيرة.
وعلى الصعيد الأمني، تتضمن الخطة سحب المقاتلين المدنيين، بهدف إنهاء ظاهرة الفصائل المحلية المسلحة وحصر السلاح بيد الدولة، مع ضمان عدم عودة الفوضى عبر نشر شرطة "مؤهلة ومنضبطة". كما يشمل إدخال اللجنة الدولية للصليب الأحمر طرفاً محايداً في ملف المختطفين والمحتجزين، بهدف تخفيف التوترات ومنع الثأر، وإعطاء صورة إنسانية للإجراءات الحكومية. وأشار إلى أن التنسيق مع الأردن يحمل بعداً حدودياً، حيث أن الأردن معني بمنع امتداد الفوضى عبر حدوده الشمالية، وبالتالي له مصلحة مباشرة في استقرار السويداء.
أما الدلالات الاجتماعية، فتتمثل في إنشاء مجلس محلي تمثيلي، كمحاولة لخلق صيغة شبه لا مركزية، تُشرك أهالي السويداء في الإدارة اليومية دون الوصول إلى مرحلة الانفصال أو الفدرلة. كما تتضمن الخطة مصالحة وطنية برعاية ثلاثية، كإقرار ضمني بأن الشرخ المجتمعي بين السويداء والعشائر البدوية يحتاج إلى رعاية وضمانات خارجية لبناء الثقة، بالإضافة إلى إعادة الإعمار والخدمات، عبر ربط الملف الاجتماعي بالاقتصادي وإعادة بناء القرى المتضررة وضمان عودة الأسر النازحة.
ويرى الأطرش أن الهدف المأمول هو إعادة دمج السويداء في مؤسسات الدولة، وإنهاء حالة العزلة والتمرد المحلي، وتقديم نموذج ناجح يمكن تعميمه على مناطق أخرى تشهد توترات أو نزعات لا مركزية. كما يأمل أن تفتح الخطة نافذة للتعاون مع واشنطن والأردن في ملف إنساني–تنموي قد يخفف من الضغوط السياسية والعقوبات.
وشدد الأطرش على أن النجاح مرهون بمدى قدرة الدولة على تطبيق البنود بحياد وبلا انتقائية، وخاصة ضمان سحب السلاح من أيدي المجموعات المحلية فعلاً، وجدية الدولة في محاسبة الانتهاكات، لا الاكتفاء بوعود شكلية، والتزام واشنطن وعمّان بتمويل مشاريع الإعمار، وعدم ترك الخطة حبراً على ورق.
وختم الأطرش بالقول: “إن تحقق ذلك، فقد تكون السويداء محافظة سورية تدخل في مرحلة "تسوية ما بعد الحرب"، لكن إن تخلّف طرف واحد عن التزاماته، فالمخاطر كبيرة بعودة التوتر وربما انفجار جديد”. منذر عيد