تُمثل تظاهرة "أفلام الثورة السورية" فضاءً فنياً وثقافياً هاماً، يتيح لصانعي الأفلام توثيق نضال شعبٍ سعى للحرية والكرامة، ويتيح للجمهور فرصة فهم أعمق لأبعاد الثورة بعيداً عن السرديات الرسمية والتغطيات الإخبارية السطحية. بذلك، تتحول السينما إلى أداة للمقاومة، ووسيلة لتحقيق العدالة وتخليد الذاكرة.
إلا أن فيلم الافتتاح "نزوح" أثار صدمة لدى بعض المتابعين والنقاد، لاعتباره لا يعكس الواقع السوري كما هو، بل يقدم رواية مشوهة ومحملة برسائل سياسية منحازة، تتعارض حتى مع سرديات السوريين أنفسهم الذين دفعوا ثمناً للحقيقة على مر السنين.
إن فتح الباب أمام أفلام مثل "نزوح"، دون تدقيق وتمحيص دقيق، لا يعتبر خطأً مهنياً فحسب، بل إساءة مباشرة للثوار، بل للمجتمع السوري بأكمله. فالتزوير الذي حمله الفيلم يثير تساؤلات حول اللجنة المختصة التي اختارت الأفلام المشاركة من أصل 56 فيلماً: كيف مر هذا التزوير على لجنة يفترض أنها مختصة ومدققة؟ أين كانت أعين اللجنة حين مرت مشاهد الفيلم أمامها؟ هل تم اعتماد معايير واضحة وموضوعية في التقييم؟ أم أن هناك حالة من التساهل لمضامين قد تضر بالهوية الوطنية والصورة الحقيقية للمجتمع السوري؟
يجب على المؤسسة أن تتحمل مسؤوليتها الكاملة في ضبط معايير الاختيار، وأن تدرك أن السينما ليست فناً فحسب، بل أداة توثيق وموقف تاريخي لا يمكن العبث به تحت مسمى "حرية التعبير"، خاصة عندما يتعلق الأمر بأرشفة الذاكرة السورية. يفترض بالمؤسسة أن تدافع عن صورة السوريين كما يرويها أبناؤهم، لا كما يرسمها الآخرون عنهم، والشفافية تقتضي أن يعرف الجمهور من يتحمل مسؤولية عرض هذا الفيلم، من وافق؟ ومن مرر؟ ومن تجاهل التزوير؟
يذكر أن الفيلم يروي قصة عائلة سورية في منطقة محاصرة، والصراع بين زوجين حول ضرورة النزوح من المنطقة التي ستقتحمها قوات الأسد، ومع تطور الأحداث، عرض الفيلم أحداثاً مزورة تؤكد رواية النظام البائد التي وصفت الثوار بـ"المجموعات المسلحة الإرهابية"، واتهمتهم باتخاذ المدنيين دروعاً بشرية، لتبرير عمليات القتل الممنهج التي اعتمدها انتقاماً من المناطق الثائرة. وائل العدس