الخميس, 18 سبتمبر 2025 05:21 PM

وثيقة مسربة تكشف: المخابرات السورية تتوقع ركوداً اقتصادياً وتهريباً عبر الحدود في 2005

وثيقة مسربة تكشف: المخابرات السورية تتوقع ركوداً اقتصادياً وتهريباً عبر الحدود في 2005

كشفت وثيقة سرية مسربة صادرة عن "إدارة المخابرات العامة" السورية، مؤرخة في سبتمبر/أيلول 2005، عن تقييم أمني شامل للوضع الاقتصادي والتمويني في سوريا آنذاك. التقرير، الذي حصلت "زمان الوصل" على نسخة منه، يرسم صورة قاتمة للاقتصاد السوري قبل اندلاع الثورة بسنوات، واصفاً حالة من الركود التجاري وتآكل القوة الشرائية للمواطنين، بالإضافة إلى شبكات تهريب معقدة تنشط عبر الحدود.

الوثيقة، التي تحمل عنوان "التقرير التمويني الشهري عن شهر أيلول لعام 2005"، تشير إلى أن الأسواق المحلية كانت تعاني من "ركود ملحوظ" مصحوب بـ"انخفاض القوة الشرائية لذوي الدخل المحدود والعاملين في الدولة"، على الرغم من محاولات الحكومة لتثبيت الأجور والرواتب.

أسعار ملتهبة ومخزونات استراتيجية

بحسب التقرير، شهدت أسعار السلع الأساسية ارتفاعات متفاوتة. فبينما استقرت أسعار مواد مثل القمح والدقيق بفضل المخزون الاستراتيجي الذي وصفه التقرير بـ"الجيد"، ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء بشكل كبير، حيث وصل سعر كيلو لحم الغنم إلى 475 ليرة سورية في بعض المناطق، وهو رقم قياسي في ذلك الوقت. وعزا التقرير هذا الارتفاع إلى عمليات الذبح غير النظامية خارج المسالخ الرسمية.

في المقابل، شهدت أسعار الفروج والبيض انخفاضاً طفيفاً، بينما طال الارتفاع أسعار معظم الخضروات والفواكه.

وفي قطاع المحروقات، يؤكد التقرير وجود مخزون "مقبول" من المازوت والبنزين والكيروسين لدى شركة "محروقات"، يكفي لفترات تتراوح بين 22 و29 يوماً، لكنه يلمح إلى وجود أزمة في مادة الإسمنت الأسود.

التهريب.. نزيف اقتصادي على كافة الجبهات

الجزء الأكثر إثارة في التقرير هو التفاصيل الدقيقة التي يقدمها عن حركة التهريب عبر الحدود السورية مع دول الجوار (لبنان، الأردن، تركيا، والعراق).

- الواردات المهربة: يرصد التقرير دخول سيل من البضائع المهربة إلى سوريا، تشمل كل شيء تقريباً؛ من الأدوات الكهربائية والألبسة ومواد التجميل من الأردن، إلى المعلبات والمشروبات الروحية والأسلحة الخفيفة من لبنان، وصولاً إلى السجاد والأواني المنزلية من تركيا. أما من العراق، فكان يتم تهريب البنزين والمواشي والدخان الأجنبي.

- الصادرات المهربة: في المقابل، كانت سوريا معبراً لتهريب مواد أخرى إلى الخارج. حيث كان المازوت والغاز المنزلي يُهرّب إلى لبنان، واللحوم والدخان إلى الأردن، بينما كانت العملة الصعبة (النقد الأجنبي) وأجهزة الهاتف الخلوي تُهرّب إلى العراق.

ويخلص التقرير إلى نتيجة مفادها أن "الوضع التمويني بشكل عام مقبول"، لكنه يستثني من ذلك "أزمة الإسمنت الأسود والمازوت، وضعف القوة الشرائية". ويشير بوضوح إلى أن الفجوة بين الأسعار الرسمية وأسعار السوق السوداء هي المحرك الرئيسي لعمليات التهريب التي كانت تستنزف الاقتصاد وتسمح للمهربين بتحقيق "أرباح كبيرة".

الحسين الشيشكلي - زمان الوصل

مشاركة المقال: