السبت, 20 سبتمبر 2025 11:18 PM

دان بيلتزر: بحار متقاعد يبلغ من العمر 92 عامًا يترك إرثًا من 3599 كتابًا

دان بيلتزر: بحار متقاعد يبلغ من العمر 92 عامًا يترك إرثًا من 3599 كتابًا

في كولومبوس، عاصمة ولاية أوهايو، توفي الضابط البحري المتقاعد دان بيلتزر عن عمر يناهز 92 عامًا. وبدلاً من إرسال الزهور إلى جنازته، قدمت عائلته عنوان موقع إلكتروني يضم صفحات من مخطوطة كتبها بخط يده، تحتوي على عناوين وملخصات موجزة لجميع الكتب التي قرأها. تتكون المخطوطة من 109 صفحات، وتضم ما مجموعه 3599 كتابًا. فما هي قصة هذا القارئ النهم؟

منذ تقاعده من البحرية الأمريكية في عام 2000 (وهو من مواليد ديترويت، ميشيغان عام 1933)، اعتاد دان بيلتزر زيارة المكتبة العامة في كولومبوس بشكل يومي، حتى أصبحت بيته الثاني، حيث كان يقرأ ما لا يقل عن 100 صفحة يوميًا. بدأت هوايته في القراءة عام 1962، وقرأ في جميع أنواع المواضيع. وكان يدون عنوان كل كتاب ينجزه وملخصًا موجزًا عنه في دفتر بدأ نحيلًا ولكنه انتهى ضخمًا في 109 صفحات.

آخر ما قرأه قبل أن يضعف النور في عينيه مطلع عام 2025: رواية "أوليس" للكاتب الأيرلندي جيمس جويس (1882-1941)، و"الجبل الرمادي" للروائي الأمريكي المعاصر جون غريشام (مواليد عام 1955)، وهو أحد أكثر الكتاب الأمريكيين رواجًا، حيث بلغت مبيعات رواياته الـ 37 حتى اليوم 300 مليون نسخة. أما أول كتاب قرأه فكان "النيل الأزرق"، الذي صدر عام 1962 للكاتب الأسترالي آلان مورهيد (1910-1983)، والثاني "بابيت" الذي صدر عام 1922 للكاتب الأمريكي سنكلير لويس (1885-1951)، والثالث "فئران وحشرات" لعالم الفيزياء الأمريكي هانس زينسر (1878-1940)، مما يعني أنه كان يقرأ أي كتاب يجده في المكتبة، دون أي تمييز أو تفضيل لموضوع معين.

يعتبر دان بيلتزر أنه عاش حياة هانئة أمضاها في قراءة هادئة طوال 63 عامًا (1962-2025). بدأت حكاية عشقه للكتاب عام 1962 عندما كان عضوًا في "هيئة السلام" في نيبال. هناك، تردد على مكتبة صغيرة تضم نحو 150 كتابًا، وراح يلتهمها كتابًا بعد كتاب، فأنس إلى القراءة، وانطلقت من هناك هوايته للمطالعة، وتدوين عنوان كل كتاب ومختصر عنه، وراحت تتنامى حتى بلغت ما بلغته في آخر حياته. كان يصر على أن ينهي أي كتاب يبدأ بقراءته، ولو لم يكن أحب موضوعه. لذا قرأ روايات ومسرحيات وشعرًا وقصصًا وأبحاثًا علمية وأكاديمية وتاريخية.

كانت المكتبة العامة في مدينة كولومبوس بيته الآخر، يدلف إليها يوميًا. بعد وفاته، قالت ابنته مارسي عنه في لقاءات صحفية: "كاد يحب هذه المكتبة أكثر من بيتنا". وروت أنه في طفولتها، كان بعد ظهر كل سبت يصطحبها مع شقيقها توم إلى المكتبة، وسجل اسميهما في سجل رواد المكتبة الدائمين. وتؤكد أن والدها كان أكثر الرواد استعارة كتب من تلك المكتبة.

احترامًا لذكر والدها وتخليدًا لهوايته الفريدة، وحيال استحالة توزيع نسخ ورقية من مخطوطته الضخمة (109 صفحات، وفيها عناوين الكتب التي قرأها مع مختصرات عنها)، عمدت مارسي إلى تصوير جميع صفحات المخطوطة، بوضوح تام، ونشرتها كاملة في موقع إلكتروني أنشأته لهذه الغاية، وأسمته "ماذا قرأ دان"، كي يزوره متابعون من كل العالم ويعرفوا ماذا قرأ والدها دان خلال 62 سنة. ولكي يكون الموقع أكثر فائدة من مجرد الاطلاع، كتبت مارسي أن من يزور الموقع، يمكنه التبرع ولو بمبلغ ضئيل، باسم "المركز التطوعي لتأمين غذاء الفقراء".

تعميمًا للفائدة من رواد الموقع الذين علقوا بأن تجربة دان ألهمتهم أن يفعلوا مثله ويدونوا عناوين الكتب فور إنجازهم قراءتها، تشجيعًا لذويهم وأقربائهم وأصدقائهم على المطالعة. ولا ضرورة أن يكون التسجيل بالخط اليدوي يراكم الصفحات، حيال المتوافر اليوم من وسائل تقنية ووسائط إلكترونية وتطبيقات جاهزة ومواقع كثيرة جدًا، تشرك روادها وزوارها بما يقرأه من كتب من يدون على صفحاتها عناوين قراءاته، ويشجع الآخرين على قراءتها، طالما أكثر الكتب موجودة بكاملها أو بنبذة عنها على شبكة الإنترنت.

هكذا تتعمم الفائدة، وتبقى للكتاب، ورقيًا أو مرقمنًا، هيبته وحاجة الركون إليه.

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: