الخميس, 25 سبتمبر 2025 03:17 PM

في ريف الرقة: الطوب الطيني يعود بقوة كحل اقتصادي لأزمة البناء

في ريف الرقة: الطوب الطيني يعود بقوة كحل اقتصادي لأزمة البناء

مع تصاعد تكاليف مواد البناء التقليدية، خاصة الإسمنت والطوب الإسمنتي، يتجه سكان ريف الرقة بشكل ملحوظ نحو صناعة الطوب الطيني، المعروف محليًا بـ "لبن"، كبديل اقتصادي وعملي.

هذا التحول يأتي استجابة للظروف الاقتصادية الصعبة، حيث يمثل الطوب الطيني حلاً فعالاً لخفض التكاليف مع الحفاظ على جودة البناء. وتزدهر صناعة الطوب الطيني في فصلي الربيع والخريف، وهما الأنسب مناخيًا لضمان جودة الإنتاج.

تعتمد هذه الصناعة على مواد محلية متوفرة، مثل التراب الكلسي، المادة الأساسية، بالإضافة إلى التبن ومخلفات القمح لتحسين خصائص الطوب. هذه المكونات لا تقلل التكلفة فحسب، بل تمنح الطوب الطيني صلابة وسرعة في الجفاف مقارنة بغيره.

الظروف الاقتصادية الصعبة أثرت بشكل كبير على خيارات الأهالي. فبينما تبلغ تكلفة بناء غرفة واحدة من الطوب الإسمنتي حوالي 2000 دولار، لا تتجاوز تكلفة الغرفة نفسها من الطوب الطيني 500 دولار، مما يجعل الخيار الاقتصادي واضحًا ومفضلًا.

هذا الفارق الكبير في التكلفة يمكّن الأسر من بناء مساكن أو غرف إضافية، تستخدم غالبًا للاسطبلات والمداجن، بالإضافة إلى المنازل. ويقول محمد العلي من قرية خربة هذلة: "باشرت بصناعة اللبن لبناء غرفة إضافية في منزلي، لأن الأسمنت أصبح باهظ الثمن".

ويؤكد العلي أن من خواص اللبن مقاومته للظروف الجوية، خاصة في مناخ الرقة القاسي: "غرف اللبن دافئة شتاءً وباردة صيفًا، وهذا مناسب جدًا في مناخنا القاسي، فالبيوت الإسمنتية حارة صيفًا وباردة شتاءً".

ويضيف حسن العلي من قرية الدحل في ريف الرقة الشمالي: "تدمر منزلي خلال المعارك، لذلك قمت ببنائه من الطين، لأني لا أملك القدرة المادية لبناء بيت إسمنتي".

من جانبه، يقول محمد نور الساير، عامل في صناعة الطوب الطيني: "موسم صناعة اللبن من المواسم التي ننتظرها طيلة العام، وقد شكلت أنا ومجموعة من الشباب فريقًا لصناعته".

ويوضح الساير أن هناك إقبالًا كبيرًا من السكان على صناعة اللبن: "اختفت هذه الصناعة قبل الأحداث السورية، ولكنها عادت مؤخرًا للظهور وبكثرة، بسبب ضعف الحالة المادية لسكان المنطقة".

في الختام، يعكس التوجه الكبير نحو صناعة الطوب الطيني في ريف الرقة موقفًا عمليًا لمواجهة التحديات الاقتصادية والبيئية، مع الحفاظ على الاستقلالية الاقتصادية والتمسك بالتراث المحلي. كما يمثل فرصة لإحياء الحرف التقليدية التي تعزز قدرة المجتمع على الصمود وتوفير حلول بناءة ومستدامة.

مشاركة المقال: