ألقت السلطات الألمانية القبض على مواطن سوري في حي نويكولن ببرلين، صباح اليوم الثلاثاء 30 أيلول، بتهم خطيرة تشمل القتل والتعذيب والحرمان من الحرية، بالإضافة إلى جرائم ضد الإنسانية، وذلك وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "فيلت" الألمانية.
أوضحت الصحيفة أن المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية (BKA) قام بتنفيذ عملية الاعتقال بحق المدعو أنور.س، المتهم بالانتماء إلى ميليشيا موالية للنظام السوري في حلب منذ عام 2011.
استندت "فيلت" في تقريرها إلى مقطع مصور يعود إلى عام 2011، يظهر فيه المتهم خلال اعتداء نفذته قوات من الشرطة السورية ومؤيدون للنظام بلباس مدني على متظاهرين داخل أحد المساجد. ويُسمع في التسجيل أصوات الهجوم بالعصي والصرخات، مع هتافات المهاجمين: "تريدون الحرية؟"، في إشارة إلى قمع الاحتجاجات التي شهدتها سوريا آنذاك.
وأشارت الصحيفة إلى أن أنور.س كان أحد عناصر ميليشيا "الشبيحة"، المتهمة بارتكاب انتهاكات وجرائم حرب خلال الثورة السورية. وتتهمه "النيابة العامة الاتحادية" بقيادة مجموعة مسلحة ارتكبت انتهاكات بحق متظاهرين بعد صلاة الجمعة، مستخدمة العصي المعدنية والهراوات وأجهزة الصعق الكهربائي لتفريق التجمعات.
تشير التحقيقات إلى أن بعض المتظاهرين الذين اعتُقلوا على يد مجموعته سُلّموا إلى أجهزة الاستخبارات السورية، حيث تعرضوا للتعذيب في مراكز الاحتجاز. كما يتهم الادعاء المتهم بالتورط في حادثة أمام مسجد في حي "سيف الدولة" بحلب، أسفرت عن إصابة متظاهر بجروح بالغة أدت إلى وفاته.
ذكرت "فيلت" أن عملية التوقيف نُفذت بمشاركة وحدة كبيرة من الشرطة الألمانية، بالقرب من مقهى شيشة معروف في نويكولن. ومن المقرر أن يمثل المتهم أمام قاضي التحقيق في المحكمة الاتحادية العليا يوم الأربعاء 1 تشرين الأول، ليُبلّغ بمذكرة التوقيف الصادرة بحقه، ويُبتّ في مسألة استمرار احتجازه.
محاكمات سابقة في ألمانيا
تجدر الإشارة إلى أن القضاء الألماني كان قد حكم على الطبيب السوري علاء موسى بالسجن المؤبد بتهمة ارتكاب جرائم تعذيب وقتل. وذكرت صحيفة "فرانكفورتر ألجماينه" الألمانية أن محكمة "فرانكفورت الإقليمية العليا" أصدرت حكمًا بالسجن المؤبد على موسى لارتكابه جرائم ضد الإنسانية، معتبرة أن ذنبه خطير للغاية.
أفاد رئيس المحكمة، القاضي كريستوف كولر، بأن الجرائم التي أدين بها علاء موسى أسفرت عن إصابة تسعة أشخاص بجروح بدنية ونفسية خطيرة، ومقتل اثنين. وقد استند الحكم إلى شهادات الضحايا والشهود التي أشارت إلى ضلوع موسى في العنف الجنسي والتعذيب وقتل المدنيين في مستشفى حمص العسكري وفرع المخابرات العسكرية في حمص.
وفي سياق متصل، أقرت محكمة في ألمانيا بصحة الحكم الصادر ضد الضابط السابق في النظام السوري، أنور رسلان، بالسجن مدى الحياة. وذكرت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية أن المحكمة الفيدرالية العليا في مدينة كوبلنز رفضت استئنافًا تقدم به محامو رسلان ضد إدانته بالإشراف على إساءة معاملة المعتقلين في سجون النظام السوري.
وأوضحت المحكمة الفيدرالية أنها لم تجد "خطأ قانونيًا يضر بالمتهم"، ورفضت "الاعتراضات الإجرائية" التي تقدم بها محاموه، وبالتالي أصدرت قرارًا نهائيًا بالسجن المؤبد بحق رسلان. وكانت محكمة كوبلنز الألمانية قد قضت بالسجن المؤبد على أنور رسلان في محاكمة تاريخية لمحاسبة النظام السوري على جرائم التعذيب وجرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان.
خلص القضاة حينها إلى أن العقيد السابق كان مسؤولًا عن عمليات الاستجواب في فرع الخطيب، أو ما يُعرف بـ"الفرع 251" التابع لإدارة المخابرات العامة في دمشق. وأكد الادعاء الألماني أن رسلان أشرف على "التعذيب المنظم والوحشي" لأكثر من أربعة آلاف معتقل بين نيسان 2011 وأيلول 2012، ما أسفر عن وفاة 58 شخصًا على الأقل، حيث أثبت القضاء وجود أدلة تحمّله المسؤولية عن 27 حالة وفاة على الأقل.