الجمعة, 3 أكتوبر 2025 03:26 AM

قلعة الكهف في طرطوس: سحر الطبيعة والتاريخ يجعلها محمية فريدة

قلعة الكهف في طرطوس: سحر الطبيعة والتاريخ يجعلها محمية فريدة

تقع قلعة الكهف في منطقة جبلية غنية بالوديان والأنهار والغابات الطبيعية، شمال غرب مدينة الشيخ بدر وجنوب غرب مدينة القدموس، على بعد 20 كم من كلتيهما. وتتبع القلعة لمزرعة المريجة التابعة لمنطقة الشيخ بدر، وقد أكسبها موقعها سحراً وجمالاً دفع وزارة الزراعة إلى اعتبارها محمية طبيعية.

تتصل القلعة بمجموعة من القلاع الأخرى في المنطقة، مثل قلعة القدموس والعليقة والخابي ومصياف وأبو قبيس، حيث كان التواصل يتم بواسطة الشهب النارية أو المراسلين. وقد سُجلت القلعة على لائحة التراث الوطني بموجب القرار رقم 8/آ تاريخ 14/1/1958.

الباحث الآثاري بسام وطفة، تحدث لـ "الحرية" عن تاريخ القلعة وأهميتها الأثرية والتاريخية، مشيراً إلى أن تاريخ القلعة مرتبط بتاريخ الاستيطان البشري في المنطقة. وأضاف أن الدلائل الأثرية المكتشفة تعود إلى الفترة الكلاسيكية، على الرغم من عدم ورود ذكر القلعة في المصادر التاريخية القديمة. وتشير الشواهد المعمارية إلى أن القلعة بنيت في بداية القرن الحادي عشر الميلادي على غرار قلعة ألموت في بلاد فارس على بحر الخزر، والتي تعني "عش النسر" بالفارسية، واتخذها حسن الصباح عاصمة له كزعيم للحركة التي أسسها.

وفي وصفه للقلعة، أوضح وطفة أنها تقوم على بروز جبلي صخري مرتفع معزول، ذي سفوح منحدرة باتجاه نهرين يحيطان بها من ثلاث جهات: الشرقية والجنوبية والغربية. وتمتد القلعة من الشرق إلى الغرب بطول 600 متر وعرض يزيد على 25 متراً، ضمن غابة طبيعية كثيفة الأشجار. ولا يمكن الوصول إلى القلعة إلا من الجهة الشرقية عبر طريق معبد حديثاً، ويحيط بها سور عريض يتراوح عرضه بين 1.5 و 2.5 متر وارتفاعه ما بين 4 و 6 أمتار، وهو متلازم مع حجم الصخرة الطبيعية. هذا السور مدعم ببرجين مربعين بارزين باتجاه الخارج يقعان في الجهة الشمالية والشمالية الغربية، إضافة إلى برج ثالث نصف أسطواني يقع في الجهة الشرقية، ويتخلل السور طلاقات لرمي السهام.

وأشار وطفة إلى أن الصخرة التي تقوم عليها القلعة ليست مستقيمة تماماً، وإنما تأخذ في منطقة المنتصف من الجهة الجنوبية شكلاً منكسراً بزاوية منفرجة، بينما تأخذ الأطراف من الجهة الغربية والشرقية شكلاً قوسياً نصف دائري. ويلاحظ في الكتلة الصخرية من الجهة الشرقية وجود ثلاثة مستويات. كما يوجد للقلعة ست بوابات منحوتة في الصخر الطبيعي، ومحرس مراسيم، وغرفة للحراثة، ودرج مكون من ثلاثة أقسام منحوت في الصخر الطبيعي، وصهاريج للمياه منها ما هو سطحي مبني ومنها ما هو محفور في جسم القلعة تحت الأرض، مدعم بأعمدة من صلب الصخر. ويوجد على سطح القلعة عدد من الآبار ومعاصر الزيتون وحمام صغير في القسم الغربي خاص بالفدائيين، وأقبية، وسجن، وكنيسة، ومقر لحاكم القلعة، وإسطبل، بالإضافة إلى مجموعة من المباني السكنية والخدمية، وساحة لتدريب الفدائيين في القسم الغربي منها.

وعن أعمال التنقيب، ذكر وطفة أن الأعمال بدأت عام 2002 واستمرت بشكل متقطع حتى عام 2019، حيث تم العمل أولاً في كشف الحمام الذي يعود إلى الفترة الإسلامية. كما تم العثور على ثلاث قطع نقدية برونزية، إحداها بيزنطية، وقطعة دائرية فضية مزخرفة الحواف وتاج عمود نقش عليه أربعة وجوه بشرية ذات ملامح مغولية وكل وجهين متقابلين متشابهان. كما تم العثور على تاج عمود يحمل زخارف هندسية قوسية، وقطعتان من الحجر الكلسي القاسي تحمل نحت لبوابة قوسية بداخلها نقش لحيوان الفهد، وجزء من دمية فخارية لحيوان لم يبق منه سوى الجذع، إضافة لمجموعة من الكسر الفخارية ذات نقوش جميلة. كما تم الكشف عن صهاريج المياه المنحوتة في قلب القلعة، والمدعمة بأعمدة من صلب الصخر.

وبعد التوسع في أعمال الكشف والتنقيب في المنطقة المحيطة بالصهاريج السطحية من جهة الشرق، تم الكشف عن عدد من الغرف السكنية والآبار، وقسم من معصرة زيتون، وجانب من سور القلعة، وعدد من طلاقات رمي السهام. كما تم العثور على بعض الكسر الفخارية ذات نقوش جميلة لمجموعة غلايين، وكسر فخارية تعود لأوان فخارية، وبعضها لسرج فخارية وكسر زجاجية منها ما يعود لسقف الحمام (القمرية)، وهو من النوع السميك الملون ومنها رقيق يعود لآنية زجاجية تعود للفترة الإسلامية.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات_الحرية

مشاركة المقال: