الثلاثاء, 7 أكتوبر 2025 12:29 AM

سوريا ما بعد الأسد: الكشف عن تحديات تفكيك شبكات الكبتاغون وإعادة انتشارها

سوريا ما بعد الأسد: الكشف عن تحديات تفكيك شبكات الكبتاغون وإعادة انتشارها

على الرغم من الانهيار السريع لنظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، والذي ارتبط بشكل كبير بتجارة الكبتاغون كمصدر حيوي للدخل، لا تزال مكافحة هذه الصناعة غير المشروعة تشكل تحديًا كبيرًا للسلطات السورية الجديدة والمجتمعين الإقليمي والدولي.

كانت سوريا تعتبر المركز العالمي الرئيسي لإنتاج الكبتاغون، حيث تجاوزت عائداتها مليارات الدولارات، متجاوزة الصادرات القانونية للبلاد. وأشارت تقارير ومنظمات دولية إلى أن هذه التجارة كانت محمية من قبل شبكات نافذة ومسؤولين مقربين من النظام السابق، وعلى رأسهم الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد.

دور "معامل الأدوية" في شبكات الكبتاغون

وفقًا للتقارير، لعبت معامل الأدوية المرخصة، أو تلك التي تتخذ منشآت صناعية كواجهة لها، دورًا محوريًا في هذه الصناعة الإجرامية لسببين رئيسيين:

  • استيراد المواد الأولية (السلائف الكيميائية): استغلت هذه المعامل تراخيصها الدوائية لاستيراد كميات كبيرة من المواد الكيميائية الأساسية اللازمة لتصنيع الكبتاغون، والتي كان من الصعب استيرادها بشكل غير قانوني بهذه الكميات. ثم يتم تحويل هذه المواد إلى معامل سرية، بعضها يتبع مباشرة لجهات أمنية (كالفرقة الرابعة) أو لشركاء تجاريين موثوق بهم.
  • التصنيع والتغطية: يُعتقد أن جزءًا كبيرًا من الإنتاج كان يتم داخل هذه المعامل الخاصة أو في منشآت قريبة منها، مما يوفر غطاءً لوجستيًا ومهنيًا لعمليات الإنتاج والتخزين والتعبئة، قبل إخفائها في شحنات معدة للتصدير عبر الموانئ أو الحدود البرية.

الإجراءات الحكومية الجديدة والواقع الميداني

أكدت الحكومة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع التزامها بالقضاء على تجارة الكبتاغون، وتم اتخاذ خطوات علنية في هذا الاتجاه:

  • ضبط المصانع: أعلنت وزارة الداخلية السورية في يونيو 2025 ضبط وتفكيك "جميع" معامل إنتاج الكبتاغون المعروفة التي كانت تعمل في عهد النظام السابق، والتي تركز معظمها في ريف دمشق والمناطق الحدودية مع لبنان والساحل السوري.
  • إتلاف المضبوطات: تم الإعلان عن إتلاف ملايين من حبوب الكبتاغون في مختلف المناطق، في محاولة للإشارة إلى تغيير في نهج الدولة.

ومع ذلك، تحذر تقارير دولية ومحلية من أن القضاء التام على تجارة الكبتاغون أمر معقد، وذلك للأسباب التالية:

  • تفكك الشبكات بدلاً من إزالتها: يشير خبراء إلى أن الصناعة قد تحولت من نموذج الإنتاج المركزي إلى نموذج أكثر تجزؤًا، حيث ظهرت مختبرات أصغر في مناطق ذات سيطرة حكومية محدودة، مثل السويداء.
  • عودة الوجوه السابقة: تشير التقارير المتداولة إلى عودة أفراد محددين (مثل غيث الأنصاري، عبد الرزاق الزعيم، علي توفيق يونس وشقيقه) إلى ممارسة أعمالهم، مما يدل على أن الهياكل والشبكات المالية والإدارية التي كانت تدير هذه التجارة قد نجت من التفكيك الكامل. إن عودة هؤلاء الأفراد إلى "الواجهة" عبر معاملهم المرخصة يوحي بأنهم قد يحاولون استئناف عملياتهم في ظل الغموض الاقتصادي والأمني الذي يواجه الإدارة الجديدة، أو أنهم يسعون لاستغلال مرحلة الانتقال لإعادة تفعيل أعمالهم بالحد الأدنى من الرقابة.
  • الحاجة الاقتصادية: يظل الاقتصاد السوري في أزمة عميقة، مما يوفر حافزًا قويًا لاستمرار الأنشطة غير المشروعة، سواء بالنسبة للعصابات الإجرامية أو الأطراف التي تحتاج إلى التمويل.

إن عودة نشاط تجار الكبتاغون المعروفين من خلال منشآتهم الخاصة، وخاصة معامل الأدوية، تسلط الضوء على أن معركة تفكيك دولة الكبتاغون لا تزال في بدايتها. فالصراع الفعلي يكمن في تفكيك الشبكات الاقتصادية واللوجستية العميقة التي كانت تعمل تحت الغطاء الرسمي، ومنعها من إعادة التموضع والتكيف مع المشهد السياسي والأمني الجديد في سوريا. زمان الوصل

مشاركة المقال: