بدعم من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) وبالتعاون مع مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل في إدلب، انطلقت صباح اليوم الثلاثاء أول قافلة عودة طوعية للنازحين من المخيمات إلى بلدة حاس بريف إدلب الجنوبي. وشارك في هذه المبادرة عدد من المنظمات المحلية.
في مخيمات الدانا شمال إدلب، علت أصوات الأطفال بفرحٍ لم تعتده الخيام، لم تكن طلبًا لماء أو دفء، بل هتافات عودة إلى الأرض التي لم يروها منذ سنين. ضمت القافلة 165 عائلة، أي حوالي 689 شخصًا، قادمين من 21 مخيمًا في الدانا.
أم مصطفى، سيدة خمسينية نازحة من حاس عادت اليوم مع عائلتها وأحفادها، تقول بينما تضم حفيدتها الصغيرة: "ما كنت أصدق إني راح أرجع لهون. سبع سنين وأنا بحلم بشوف باب بيتي. حتى لو ما بقي منو إلا الحيطان، ريحة ترابنا كفيلة تنسيني تعب العمر كله".
الحافلات حملت قصص النزوح الطويلة، ووداع المخيمات، ودموع الفرح. ومع كل توقف، كان هناك من يوثق اللحظة: الطريق إلى البيت. وعند الوصول إلى حاس، استقبلتهم فرق المفوضية وشركاؤها المحليون بمساعدات غير غذائية وحقائب شتوية، إضافة إلى دعم من منظمة مزن الإنسانية ومؤسسة التنمية والتطوير والهلال الأحمر العربي السوري – فرع إدلب. وبدأ فريق الحماية في معرة النعمان بتقديم الإرشاد والمساندة للعائدين.
الأهالي يؤكدون أن العودة لم تكن سهلة، فالبيوت في حاس أنهكتها الحرب، والكثير منها تحول إلى أطلال. لكن الأجمل كان رؤية الأطفال يحملون المكانس لتنظيف الغبار عن عتبات المنازل.
تأتي هذه المبادرة بعد استبيانات أجرتها فرق المفوضية لمعرفة نية النازحين بالعودة. ورغم أن نحو 780 ألف شخص ما زالوا يعيشون في مخيمات شمال غرب سوريا، إلا أن مشهد الحافلات يفتح نافذة أمل. أم مصطفى تختم بابتسامة دامعة: "الرجعة مو بس على البيت… الرجعة عالحياة".
وأكدت الشؤون الاجتماعية عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن استمرار الدعم الدولي والتمويل الإنساني ضروري لضمان استدامة العودة ومساعدة العائلات على الاندماج مجددًا. بين حطام يروي الوجع وأطفال يركضون، تبدو حاس كأنها تقول: من هنا يبدأ الأمل من جديد.