دمشق-سانا: عقد الاتحاد العام لنقابات العمال اليوم ورشة عمل في مقره بدمشق لمناقشة مشروع قانون الخدمة المدنية، وذلك بمشاركة ممثلين عن فروع الاتحاد ومكاتب النقابات المهنية في مختلف المحافظات.
تهدف الورشة إلى تعزيز المشاركة في إعداد التشريعات المتعلقة بالعمل والعمال، وإتاحة الفرصة لممثلي الحركة النقابية لتقديم ملاحظاتهم ومقترحاتهم حول مشروع القانون. وتهدف هذه العملية إلى صياغة توصيات يتم رفعها إلى وزارة التنمية الإدارية لأخذها في الاعتبار عند إعداد الصيغة النهائية للقانون.
ركز المشاركون خلال الورشة على ثلاثة محاور رئيسية: هوية الخدمة المدنية والعقد المؤسسي الجديد، ومنظومة إدارة الموارد البشرية وبيئة العمل العادلة، والشفافية والمساءلة والإنهاء المنظّم للخدمة. واعتبروا هذه المحاور بمثابة ركائز أساسية لتعزيز الدور النقابي وتحقيق التوازن بين تطوير الإدارة العامة والحفاظ على حقوق العمال والموظفين.
أكد رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال، فواز الأحمد، في كلمة له عبر منصة “زوم” من العاصمة المصرية القاهرة، على أهمية الورشة في بناء إطار قانوني متكامل يواكب التطورات ويلبي احتياجات المرحلة المقبلة.
كما أكد الأحمد دعم الاتحاد لأي جهد يهدف إلى تطوير الإدارة العامة وتعزيز الأداء الوظيفي، مع التشديد على ضرورة عدم المساس بالحقوق المكتسبة للعمال أو إضعاف دور التنظيم النقابي. وأشار إلى أن بعض بنود القانون المقترح تحتاج إلى مناقشة معمقة وإعادة النظر فيها لضمان التوازن بين متطلبات الإدارة وحقوق العاملين، مثل موضوع التقييم وتسريح وفصل العمال والتدريب والتأهيل والوجبة الغذائية وضمان التكيف الوظيفي لذوي الإعاقة وزيادة نسبتهم في الوظائف العامة.
ودعا الأحمد إلى ضرورة وجود نص صريح يلزم الإدارات بالتعاون مع التنظيم النقابي في كل ما يتعلق بشؤون العاملين، ودعم حق العامل في اللجوء إلى التنظيم النقابي عند تعرضه لمعوقات أو مشكلات تخص بيئة العمل، والتأكيد على التشاركية بين وزارة التنمية الإدارية ووزارة العمل والاتحاد العام لنقابات العمال عند تعديل أو سن أي تشريع وظيفي يخص العمل.
أوضح عضو لجنة صياغة قانون الخدمة العامة الجديد، الدكتور إبراهيم الحسن، أنه ستتم إعادة تعريف الوظيفة العامة كأداة ترتكز على الجدارة بدلاً من الأقدمية عند التقييم والتعيين، وتحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات، مع إقرار آليات توظيف شفافة وتنافسية تضمن استقطاب الكفاءات بعيداً عن البيروقراطية. وأكد أن الهدف الأساسي من الحوار هو الوصول إلى صيغة متكاملة للقانون قبل إقراره، بما يضمن تهيئة بيئة عمل مثالية.
بدوره، أشار عميد المعهد العالي للإدارة العامة وعضو لجنة صياغة قانون الخدمة العامة، الدكتور عبد الحميد الخليل، إلى أن القانون الجديد سيتضمن وجود أنظمة موارد بشرية كانت غائبة في جميع القوانين السابقة، مع الجانب القانوني الضابط والمنظم لها، من حيث تسوية أوضاع العاملين وتنظيم الأجور والرواتب والإجازات المختلفة، وبناء مسارات وظيفية متخصصة تشجع على التدريب المستمر وتطوير القدرات، وربط الترقية والمكافأة بالإنتاج الفعلي ونتائج الإنجاز.
واستعرض رئيس مجلس إدارة مؤسسة إدارة الموارد البشرية، الدكتور منير عباس، الفرق بين القانون الجديد والقوانين المعمول بها في بعض الدول، كالعمل المأجور وفق نظام الساعات والعمل المرن والعمل عن بعد، إضافة لموضوع توافق القانون مع قانون التأمينات الاجتماعية، مشدداً على ضرورة أن تتوافق مواده مع الاتفاقيات والمعاهدات التي انضمت إليها سوريا.
بدوره، أشار عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد العام وعضو لجنة صياغة قانون الخدمة العامة، طلال عليوي، إلى أن القانون الجديد يمثل فرصة حقيقية لتعزيز النزاهة الإدارية، والحد من هدر الكفاءات والبطالة المقنعة في القطاع العام، عبر ربط العقوبة والمكافأة بتقييم الأداء الجدي والشفاف، بدلاً من التقديرات الجزافية التي كانت سائدة.
ويعد مشروع القانون الجديد محطة رئيسية في مسار التحول المؤسسي، وخطوة عملية لإعادة بناء جهاز حكومي أكثر كفاءة واستجابة، ويكرّس العدالة الوظيفية ويمنح الموظف شعوراً بالإنصاف، ويعيد ثقة المواطن بأن الدولة تستجيب وتواكب تطلعاته.