الأربعاء, 8 أكتوبر 2025 12:45 PM

فرنسا في خضم أزمة: هل تتجه نحو سيناريو 'اللبننة'؟

فرنسا في خضم أزمة: هل تتجه نحو سيناريو 'اللبننة'؟

يرى نبيه البرجي أن فرنسا بحاجة إلى شخصية قوية على غرار بونابرت أو ديغول للخروج من أزمتها العميقة، والتي يصفها بأنها أزمة دولة وليست مجرد أزمة للجمهورية الخامسة. ويشير إلى أن الرؤساء يدخلون قصر الإليزيه بهدوء، على عكس ما كانت عليه الأمور في السابق، وفقًا لصحيفة "لوكانار أنشينه".

هذه الأزمة تمتد لتشمل أوروبا بأكملها، حيث يغيب قادة مثل ونستون تشرشل وكونراد اديناور وبرونو كرايسكي. وإذا كان جان دانيال قد لاحظ تحول الأيديولوجيات إلى أديان في القرن العشرين، وتحول الأديان إلى أيديولوجيات في القرن الحادي والعشرين، فإن الفيلسوف الفرنسي ميشال أونفراي يرى أن التاريخ يسحق القارة العجوز، قبل أن يستدرك قائلاً: "لكنها أميركا… لكنها أميركا".

من اللافت أن جان ـ جاك سرفان ـ شرايبر استخدم مصطلح "الجدلية الفرويدية" في كتابه "التحدي الأميركي" عام 1967، داعيًا إلى التبعية الأوروبية لأميركا، بعد أن تبين له أن 340 شركة من أصل 500 شركة كبرى في القارة هي أميركية.

دونالد ترامب يرى في أوروبا مجرد "عربة هرمة في القطار الأميركي". أما المستشرق جيل كيبل، فينتقد العرب لمحاولتهم دخول القرن "سيرًا على الأقدام"، معربًا عن خشيته من انهيار الحضارة الإسلامية، بعد أن تحدث أونفري عن انهيار الحضارة اليهومسيحية وحلول الحضارة الكونفوشية والهندوسية محلها.

فرنسا هي النقطة الساخنة في الخارطة الأوروبية. وكما أن لبنان كان بحاجة إلى شخصية ديغولية (مثل فؤاد شهاب) للانتقال إلى الجمهورية الثالثة، فإن نائبًا فرنسيًا أعرب عن تخوفه من "لبننة فرنسا" بعد نتائج الانتخابات الأخيرة للجمعية الوطنية، التي جعلت البرلمان خليطًا من الشظايا السياسية والإيديولوجية، مع وجود نواب من أقصى اليسار التروتسكي وأقصى اليمين الفاشي، وعجز الرئيس إيمانويل ماكرون عن القيام بدور المايسترو.

في عام 2016، نشرت صحيفة "لوباريزيان" تحقيقًا حول استقالة وزير الاقتصاد إيمانويل ماكرون، مركزة على علاقته بمؤسسة روتشيلد. وقبل الانتخابات الرئاسية في عام 2017، كتبت في "الديار" أن ماكرون سيكون الرئيس المقبل، معتقدًا أنه سيكون رئيسًا استثنائيًا، لكنني فوجئت بتناقض مواقفه في ولايته الثانية، على الرغم من مواقفه الرائعة تجاه القضية اللبنانية والفلسطينية.

كانت هناك لمسة ديغولية في شخصية ماكرون، حيث كان يعتقد أن الرئيس الحقيقي لفرنسا يجب أن يكرهه الرئيس الأميركي. وفرنكلين روزفلت حال دون حضور الجنرال ديغول مؤتمر يالطا، ودعا ونستون تشرشل لحضوره، كما أراد إقامة "جمهورية لافونيا" باقتطاع جزء من فرنسا وبلجيكا.

يرفض الكثيرون في فرنسا الوصاية الأميركية على القارة. وكتب وزير الخارجية السابق أوبير فيدرين أنه لا يليق بفرنسا أن تكون القهرمانة حتى في حضرة الآلهة. وكان ماكرون يسعى إلى "استعادة" دور لأوروبا في السياسات الدولية، لكن الحرب العالمية الثانية وضعت حدًا للإمبراطوريات الأوروبية وكرست الولايات المتحدة كقائدة للمعسكر الغربي.

وصف ماكرون حلف الأطلسي بأنه "أصيب بالسكتة القلبية"، ودعا إلى إنشاء قوة عسكرية أوروبية مستقلة عن الحلف، لكنه سرعان ما تقمص دور الظل للولايات المتحدة في الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما اعتبره فرصة لإظهار النزعة الدونكيشوتية في شخصيته.

ماكرون، الذي روج لمحاولة روسيا احتلال دول أخرى بعد أوكرانيا، كان يعلم أن روسيا غارقة في النيران والوحول، وأنها لم تفكر يومًا في الاقتراب من الغرب الأوروبي. نابليون بونابرت وأدولف هتلر هما اللذان حاولا احتلالها.

في حين كانت أميركا تزدهر، كان الاقتصاد الأوروبي يتهاوى، وهو أحد العوامل الأساسية في الأزمة السياسية الراهنة في فرنسا.

يوم أمس، كان عنوان "اللوموند" "بداية أزمة كبرى"، بعد استقالة رئيس الحكومة سيبستيان لوكورنو بعد 14 ساعة من تشكيل حكومته. إنها أزمة قارة، وليست مجرد أزمة حكومة أو دولة. جان ـ لوك ميلانشون قال: "هذا حين يكون قادة القارة قارعي الطبول عند باب البيت الأبيض"!!

مشاركة المقال: