الثلاثاء, 7 أكتوبر 2025 02:09 PM

نوبل للسلام: هل تبتسم الجائزة لترمب هذه المرة؟

نوبل للسلام: هل تبتسم الجائزة لترمب هذه المرة؟

مع اقتراب موعد إعلان الفائز بـ«جائزة نوبل للسلام» يوم الجمعة المقبل، تتزايد الآمال المعلقة على الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، لنيلها، وذلك بعد الجهود التي بذلها لدفع كل من إسرائيل وحركة «حماس» إلى الموافقة على خطته لوقف إطلاق النار في غزة. وفي خضم المفاوضات الصعبة التي تخوضها الأطراف المعنية تحت ضغوط مختلفة، يروج ترمب لفكرة أنه سيحقق سلاماً في منطقة الشرق الأوسط لم تشهده منذ 3 آلاف عام من الصراع.

وقد أتاح القبول الجزئي من جانب «حماس» (مبادلة الأسرى المرتبطة بالانسحابات) يوم الجمعة الماضي بعض التفاؤل بشأن إمكانية الاقتراب من الجائزة، إلا أن رفض الحركة لنزع السلاح الكامل يقلل من فرص تحقيق ذلك. وعلى مدى الأسابيع والأشهر الماضية، يزعم ترمب أن جهوده أدت إلى إنهاء «ما بين 6 و8 حروب»، بما في ذلك وقف إطلاق النار في غزة وتخفيف التوترات في أوكرانيا.

تُمنح «جائزة نوبل للسلام»، التي أسسها رجل الأعمال السويدي ألفريد نوبل عام 1895، سنوياً لمن يقدم «أفضل عمل للشعوب، وإعطاء فائدة للبشرية، مثل إنهاء حروب، أو تقليص الجيوش الدائمة، أو عقد مؤتمرات سلام». وفي العام الحالي، ارتفع عدد المرشحين للجائزة، حيث تُجري «لجنة أوسلو السرية» مداولاتها بين 338 مرشحاً (244 فرداً، و94 منظمة)، لكن الأسماء تبقى طي الكتمان حتى يتم الإعلان عن الفائز يوم الجمعة، يليه حفل التتويج في 10 ديسمبر (كانون الأول)، مع مكافأة مالية تصل إلى 11 مليون كرونة سويدية (نحو 1.18 مليون دولار).

وخلال الأسبوع الحالي، سيتم الإعلان عن الفائزين بالجوائز الأخرى (في الطب والفيزياء والكيمياء والآداب والاقتصاد). ومنذ عام 1901، حرصت «لجنة نوبل» على منح الجائزة بشكل سنوي (باستثناء فترات الحرب)، لأحد الشخصيات أو المؤسسات التي أسهمت في إرساء السلام. وقد حصدها 111 شخصاً، منهم الرئيس الأميركي تيدي روزفلت (1906) لدوره في إنهاء الحرب الروسية – اليابانية سلماً، والرئيس وودرو ويلسون (1919) عن دوره في تأسيس عصبة الأمم وإنهاء الحرب العالمية الأولى، ومارتن لوثر كينغ (1964) عن دوره في الحقوق المدنية، وهنري كيسنجر (1973)، والرئيس جيمي كارتر (2002) عن عمله طيلة حياته في تعزيز حقوق الإنسان والسلام العالمي. وقد رُشح كارتر لـ«جائزة نوبل» 5 مرات على الأقل قبل فوزه بها.

وبعد 9 أشهر فقط من ولايته، أُعلن فوز الرئيس باراك أوباما في أكتوبر (تشرين الأول) 2009 بـ«جائزة نوبل» لجهوده في تعزيز حظر الانتشار النووي ودعمه الدبلوماسية متعددة الأطراف. ويستبعد عدد كبير من الخبراء الأميركيين احتمال فوز ترمب بـ«جائزة نوبل للسلام»، ويرون أن فرص فوزه شبه معدومة، محذرين في الوقت نفسه من أن الفشل في الفوز بالجائزة قد يشعل فتيل انهيار في البيت الأبيض، ويفاقم مظالم «الدولة العميقة» لدى ترمب، ويقوض دبلوماسيته الهشة في منطقة الشرق الأوسط.

إن الهوس بالفوز بـ«جائزة نوبل للسلام» ليس جديداً لدى ترمب، فمنذ عام 2018 حاول الضغط على حلفاء مثل شهباز شريف، رئيس الوزراء الباكستاني، وفوميو كيشيدا رئيس الوزراء الياباني، لترشيحه، مستشهداً بـ«اتفاقات إبراهيم» التي أبرمها في ولايته الأولى، ثم مستشهداً بدوره في منع «حرب نووية» بين الهند وباكستان في مايو (أيار) 2025. ويروج ترمب لتدخلاته في نزاعات أخرى، مثل «إثيوبيا ـ مصر»، و«كوسوفو – صربيا»، و«الكونغو – رواندا»، و«أرمينيا – أذربيجان»، و«إسرائيل – إيران». وتسري تسريبات بأن ترمب اتصل بالأمين العام السابق لـ«حلف شمال الأطلسي (ناتو)»، ينس ستولتنبرغ (النرويجي)، لحثه على تأييد ترشيحه للجائزة.

والمثير في الأمر أن ترمب وصف الجائزة في السابق بأنها «خدعة» بعد فوز باراك أوباما عام 2009 بها، ويصر الآن على أن حرمانه منها سيكون «إهانةً للولايات المتحدة». وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، للصحافيين، أنه آن الأوان ليفوز ترمب بالجائزة. كما قال ستيف ويتكوف، مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط، إنه أفضل مرشح للجائزة… وبدوره، قال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، إن الرئيس ترمب لو كان ديمقراطياً لقال الجميع إنه الأجدر بالجائزة.

وانضم قادة وزعماء إلى القائمة، مدركين أن الإطراء هو السبيل لكسب ود الرئيس ترمب، كان أولهم بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي سلمه رسالة الترشيح في يوليو (تموز) الماضي خلال زيارته البيت الأبيض، كما أيد رؤساء الغابون وموريتانيا والسنغال وليبيريا وغينيا ترشيح ترمب للجائزة. كذلك، يشير مناصرو ترمب ومؤيدو حركة «ماغا» إلى أن الرئيس ترمب يستحق الجائرة عن جدارة بعد كل جهوده في إحلال السلام بأماكن عدة من العالم، بينما يستبعد المحللون اقتراب ترمب من الجائزة، ويرون احتمالات ضئيلة في فوزه بها، حتى لو هدأت الأوضاع في غزة.

ويقدر محللون أميركيون في كل من «معهد بروكينغز»، و«مجلس العلاقات الخارجية»، أن فرص ترمب للفوز هي «صفر» تقريباً، وأن فرصه على المدى الطويل مشكوك فيها بسبب تناقض أخلاقياته «الانعزالية» المتمثلة في «أميركا أولاً» مع التوجه متعدد الأطراف للجائزة. ويقول المؤرخ آسلي سفين، وهو مؤرخ لـ«جوائز نوبل»: «ليس لديه أي فرصة… دعمه إسرائيل في غزة يتناقض مع المُثل العليا». ويذكر إيفيند ستينرسن المؤرّخ المختص في «جوائز نوبل»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن «الأمر غير وارد على الإطلاق»؛ لأنه «(ترمب) مناقض من نواح عدة للمُثل التي تعكسها (جائزة نوبل)». وأوضح أن «(جائزة نوبل للسلام) تكافئ التعاون متعدد الأطراف، من خلال الأمم المتحدة مثلاً (…) لكنّ ترمب يُمثل ابتعاداً عن هذا المبدأ؛ لأنه يتبع نهجه الخاص من جانب واحد». وأشار تقرير من وكالة «بلومبرغ» إلى أن «مساعي ترمب الملحة؛ بما فيها تسريبات البيت الأبيض لتأييده، قد (أزعجت) اللجنة؛ التي تتجنب المروجين لذواتهم».

وأظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة «واشنطن بوست» و«معهد إبسوس» أن 76 في المائة من الأميركيين يرون أن ترمب لا يستحق الفوز بالجائزة المرموقة، مقارنة بـ22 في المائة يرون أنه يستحقها. ووفقاً للاستطلاع، الذي أجري في سبتمبر (أيلول) الماضي، فإن 60 في المائة من الأميركيين لا يوافقون على نهج ترمب تجاه الحرب بين روسيا وأوكرانيا، و58 في المائة لا يوافقون على تعامله مع الحرب بين إسرائيل و«حماس».

وتشتعل بورصة التكهنات بشأن الفائز المحتمل بالجائزة لعام 2025. وهناك ترجيحات بأن تُمنح الجائزة لمنظمات غير حكومية تُعنى بالدفاع عن الصحافيين، مثل «لجنة حماية الصحافيين» ومنظمة «مراسلون بلا حدود»، بعدما شهدت هذه السنة مقتل كثير من العاملين في المجال الإعلامي، خصوصاً في قطاع غزة. وقالت مديرة «معهد أبحاث السلام (Prio)» في أوسلو، نينا غراغر: «لم يسبق أن قُتل هذا العدد الكبير من الصحافيين في عام واحد». ومن بين الأوفر حظاً لنيل الجائزة، يوليا نافالنايا؛ أرملة زعيم المعارضة الرئيسي في روسيا أليكسي نافالني. كما تتصدر قائمةَ مدير معهد «بي آر آي أو (PRIO)» «غرفُ الطوارئ في السودان»، إلى جانب المحكمة الجنائية الدولية، وتشو هانغ تونغ ناشطة هونغ كونغ.

ويشعر ترمب بالفعل بضآلة فرصه في الحصول على الجائزة. ففي تغريدة على منصة «إكس»، قال: «لقد أنهيت 7 حروب، لكنهم سيعطونها لشخص لم يفعل شيئاً». ويتوقع خبراء ردَّ فعلٍ عنيفاً من قبل ترمب إذا لم يفز بالجائزة، كما حدث سابقاً عندما هاجم أوباما بعد فوزه بالجائزة عام 2009. وقد يصف ترمب اللجنة بـ«اليسارية المتطرفة»؛ مما يعمق الانقسامات السياسية داخل الولايات المتحدة قبل الانتخابات التشريعية النصفية، وقد يُستخدم عدم حصوله المحتمل على الجائزة أداةً لتعزيز صورته «ضحيةً» لنخب أوسلو اليسارية.

ودعت صحيفة «تلغراف» النرويج، التي يبلغ عدد سكانها 5.6 مليون نسمة؛ إلى الحذر؛ لأن لترمب سجلاً طويلاً في معاقبة من يزعجونه. (aawsat)

مشاركة المقال: