في القامشلي، تتصاعد حدة التوتر بين المدارس المسيحية و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) بسبب إصرار الأولى على اعتماد مناهج وزارة التربية السورية. اتهمت الكنيسة السريانية الأرثوذكسية "قسد" بإغلاق المدارس التابعة للطوائف المسيحية في منطقة الجزيرة شمال شرقي سوريا، وذلك لرفضها اعتماد المناهج الدراسية التي تفرضها الإدارة الذاتية.
أكد المطران مار موريس عمسيح، مطران أبرشية الجزيرة والفرات للسريان الأرثوذكس، في تصريح لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، أن الأبرشية "ترفض بشكل قاطع فرض مناهج قسد أو أي مناهج غير معترف بها رسميًا"، مشيرًا إلى أن المدارس التابعة للطوائف المسيحية، والبالغ عددها نحو 35 مدرسة، "لن تعتمد سوى المنهاج الصادر عن وزارة التربية السورية والمعترف به دوليًا".
أوضح المطران أن الحوار بين الأبرشية و"قسد" استمر لأكثر من شهر، حيث طرحت الأخيرة خيارين فقط أمام المدارس، وهما اعتماد منهاج الإدارة الذاتية أو منهاج "يونيسف"، دون ترخيص من وزارة التربية في دمشق، معتبرًا أن "هذا الأمر مرفوض تمامًا لأنه يهدد مستقبل الطلاب ويعرض المدارس لفقدان تراخيصها".
أشار عمسيح إلى أن بعض مدارس الأبرشية يعود تاريخها إلى أكثر من 100 عام، وتعتمد الشهادات السورية الرسمية في المرحلتين الإعدادية والثانوية، وتضم طلابًا من مختلف المكونات السورية من عرب وأكراد وآشوريين وأيزيديين وغيرهم.
وأضاف أن "قسد أقدمت على طرد الطلاب من المدارس بعد رفض إدارة الأبرشية اعتماد مناهجها"، ما أدى إلى توقف العملية التعليمية بالكامل، في حين استمر العمل الإداري فقط داخل تلك المدارس، مؤكدًا أن استئناف التعليم "لن يتم إلا باعتماد المنهاج السوري الموحد وبترخيص رسمي من وزارة التربية".
واختتم المطران تصريحه بالتشديد على تمسك الأبرشية بـ"النهج الوطني الذي يصون وحدة المجتمع السوري ويحمي مستقبل أبنائه".
وتأتي هذه التطورات في ظل توتر متزايد بين الكنائس المسيحية والإدارة الذاتية التي تفرض مناهجها الخاصة في مناطق سيطرتها شمال شرقي سوريا، حيث سبق أن أغلقت مؤسسات تابعة لـ"قسد" عددًا من المدارس الخاصة في الحسكة والقامشلي، كما تواصل تنفيذ حملات تجنيد إجباري تستهدف الطلاب، آخرها في مدينتي الرقة والطبقة، وشملت عشرات الشبان بينهم طلاب في معاهد تتبع المنهاج الحكومي السوري.
وكانت "الإدارة الذاتية" قد أغلقت المدارس الخاصة بالمسيحيين من سريان وأرمن، ضمن المناطق الخاضعة لسيطرتها، في 30 من أيلول الماضي، واقتحمت قوات الأمن الداخلي "الأسايش" خمس مدارس خاصة تابعة للمكون المسيحي في مدينة القامشلي، وأغلقتها بالقوة، بعد طرد الإداريين والطلاب منها بشكل مفاجئ. ويعود سبب الإغلاق لرفض رؤساء الكنائس المسيحية فرض المناهج الخاصة بـ"الإدارة" على مدارسها الخاصة، ومطالبتها بالاستمرار بتدريس المنهاج الحكومي السوري. وطالب أبناء الديانة المسيحية "الإدارة الذاتية" في مقابلاتهم بالتراجع عن هذه القرارات الصادرة، مؤكدين أن مطالبهم تنطلق من حقوق إنسانية ودستورية أصيلة، وليست امتيازات طائفية. وشملت قرارات الإغلاق عددًا من المدارس والكليات الخاصة، منها مدرسة مار قرياقس (السريان الأرثوذكس)، مدرسة السلام (الأرمن الكاثوليك)، مدرسة ميسلون (البروتستانت)، مدرسة فارس الخوري (الآشوريين)، مدرسة الاتحاد (الأرمن الأرثوذكس)، ومدرسة الأمل بالحسكة التابعة للكنيسة السريانية الأرثوذكسية.