الأربعاء, 8 أكتوبر 2025 06:27 PM

صعود الذهب وسط أزمة اقتصادية عالمية: الرسوم الجمركية والتوترات التجارية تهدد النمو

صعود الذهب وسط أزمة اقتصادية عالمية: الرسوم الجمركية والتوترات التجارية تهدد النمو

في ظل التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي بسبب الرسوم الجمركية المتبادلة والأزمات السياسية المتلاحقة، يبرز الذهب كمؤشر على حالة الاضطراب المالي التي يشهدها العالم. فقد تجاوز سعر الأونصة الأربعة آلاف دولار لأول مرة، مما يعكس حجم القلق في الأسواق العالمية من واشنطن إلى طوكيو، مروراً بأوروبا والشرق الأوسط.

منذ جائحة كورونا، توالت الأزمات، بدءًا من تعطل سلاسل الإمداد وارتفاع التضخم، وصولًا إلى حروب الرسوم وانهيار الصناعات. يبدو العالم اليوم متجهًا نحو اقتصاد يعتمد على الذهب كملاذ آمن.

بدأت القصة في عام 2020 مع جائحة كورونا التي أدت إلى ركود غير مسبوق، وتوقف المصانع، وانهيار السياحة، وزيادة الإنفاق الطارئ. ومع التعافي التدريجي في 2021 و2022، ارتفع التضخم بسبب زيادة الطلب وارتفاع تكاليف النقل والطاقة.

رفعت البنوك المركزية أسعار الفائدة لكبح السيولة، لكن ذلك أدى إلى تباطؤ النمو دون القضاء على التضخم، مما زاد من هشاشة الاقتصاد العالمي.

تشير تقارير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أن النمو العالمي لن يتجاوز 3.2% في 2025، مع توقع استقراره عند 2.9% في 2026، وهي نسب بالكاد تكفي لتفادي الركود. كما بلغ مؤشر عدم اليقين التجاري الذي ترصده “الأونكتاد” أعلى مستوياته منذ بدء التسجيل.

رفعت الولايات المتحدة متوسط الرسوم الجمركية إلى 22.5%، وهي النسبة الأعلى منذ ثلاثينيات القرن الماضي، في خطوة وُصفت بأنها “انقلاب اقتصادي”.

رد الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم مضاعفة على واردات الصلب الأمريكية لتصل إلى 50%، مما اعتبره قادة الصناعة “تهديداً وجودياً” لصناعة الصلب البريطانية والأوروبية.

تشير بيانات معهد بيترسون للاقتصاد الدولي إلى أن هذه الحرب الجمركية قد تخفض النمو العالمي بنحو نصف نقطة مئوية خلال عامين، وقد يرتفع التضخم الأمريكي إلى 3% بحلول 2026.

تلوح الصين بإجراءات مضادة وتوسع صادراتها نحو الشرق الأوسط وأفريقيا لتجاوز الحواجز الغربية، مما يزيد المشهد تعقيداً.

ارتفاع الذهب يعكس ذروة القلق المالي، حيث يُعتبر المعدن “الملاذ الآمن” في أوقات الضبابية الاقتصادية. بلغ سعر الذهب 4001.11 دولار للأونصة، بعد أن ارتفع بأكثر من 50% منذ بداية العام.

تجاوز الذهب عتبة الألفي دولار في آب 2020 خلال ذروة جائحة كوفيد-19، ثم بدأ صعوده المتسارع في عام 2024.

مع الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة وتزايد الحديث عن خفض الفائدة، تحركت رؤوس الأموال نحو الذهب والمعادن الثمينة.

قفز الذهب بأكثر من 52% منذ مطلع العام، مدفوعاً بتوقعات خفض الفائدة الأمريكية، ومشتريات ضخمة من البنوك المركزية، وضعف الدولار، وتصاعد التوترات الجيوسياسية.

يعيش قطاع الصلب الأوروبي أسوأ أيامه بسبب الرسوم الأمريكية الجديدة ومضاعفة الاتحاد الأوروبي للرسوم على الواردات الأمريكية. وصف رئيس الهيئة الصناعية البريطانية، غاريث ستايس، الموقف بأنه “أخطر أزمة في تاريخ الصناعة”.

تعمل المفوضية الأوروبية على خفض الحصص المعفاة من الرسوم بنسبة 47% وفرض إلزام بالإفصاح عن منشأ الصهر والصب لمنع التحايل التجاري.

الدول العربية ليست بمنأى عن هذه التحولات، فالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يمثلان أسواقاً رئيسية للطاقة والبتروكيماويات، وأي تباطؤ في النمو العالمي سينعكس على الطلب على النفط وعائدات المصدرين.

تشير استطلاعات الرأي إلى أن بعض الاقتصادات العربية قد تستفيد من إعادة توجيه سلاسل الإمداد، وخاصة في الصناعات الوسيطة والخدمات اللوجستية.

العالم يعيش لحظة مفصلية، عنوانها “الذهب يصعد حين تهبط الثقة”.

يقف الاقتصاد العالمي اليوم على أعتاب مرحلة جديدة، تتطلب تنسيقاً أقوى للسياسات والتجارة الإقليمية، كما ترى “الأونكتاد” في تقريرها الصادر في الـ 16 من نيسان الماضي.

السؤال المطروح: هل نحن أمام ولادة اقتصاد عالمي جديد، أم أمام دورة أخرى من الفوضى المقنّعة بالذهب؟

أخبار سوريا الوطن١-سانا

مشاركة المقال: