الأحد, 12 أكتوبر 2025 01:11 PM

اعتداءات متصاعدة على المعلمين: طالبة تضرب معلمة وولي أمر يهدد بالدفن.. كيف نحمي الطرفين؟

اعتداءات متصاعدة على المعلمين: طالبة تضرب معلمة وولي أمر يهدد بالدفن.. كيف نحمي الطرفين؟

يتزايد الخطاب التحريضي ضد المعلمين والمعلمات، وذلك منذ حادثة ضرب مديرة المدرسة في داريا للطلاب الصغار في باحة المدرسة مؤخراً. وقد أدى ذلك إلى حوادث عنف طالت معلمين ومعلمات في دير الزور، وربما في مناطق أخرى لم يتم الإعلان عنها بعد.

سناك سوري-دمشق

نقلت منصة "صوت المدينة" حادثة اقتحام والد طالب لمدرسة ابنه، وتهديده "بدفن المعلمة في الإدارة". ووفقاً للرواية، قامت إحدى المعلمات في مدرسة "برهان الدين حاج محمد" بتوبيخ طالب بسبب عدم انضباطه في الصف وعدم تحضير الوظائف، دون اعتداء جسدي أو إساءة لفظية بحسب المنصة. إلا أن الطالب نقل صورة مختلفة إلى والده، الذي اقتحم المدرسة وهدد قائلاً: «يلي اتمد إيدها على ابني أو بنتي والله لأدفنها بالإدارة!». لم تذكر المنصة تفاصيل ما جرى لاحقاً وكيف تم حل المشكلة. في المقابل، نقلت صفحة محلية أخرى في دير الزور حادثة أخرى، حيث «أقدمت إحدى الطالبات في مدرسة العرفي للبنات من الصف التاسع الشعبة السادسة على لَكم معلمة الرياضة على كتفها بقوة، مما أدى بها إلى صدمة جعلتها تبكي وتلتجئ إلى الإدارة، ريثما جاء زوجها لأخذها وهي في حالة انهيار تام».

وبحسب المتداول، فإن الحادثة جرت نتيجة تنبيه المعلمة للطالبة ألا تضرب الكرة بقوة كي لا تخرج من المدرسة.

“المعلمات ما بقا يسترجوا يحكونا”!

في حادثة أخرى ترويها "ريتا" 41 عاماً معلمة مدرسة ووالدة طفلة في الصف الخامس الابتدائي تعيش في ريف جبلة، قالت لـ"سناك سوري"، إن طفلتها أتت منذ يومين “طايرة من الفرحة”، وأخبرتها أن “المعلمات مابقا يسترجوا يحكونا ولا كلمة، لأنن رح ينسجنوا”. عاتبت الأم طفلتها وأفهمتها أن هذا التصرف خاطئ وأنها هي معلمة وتعاني في الصف أحياناً من بعض المشاغبين، لكن هذا لا يعني أن تضربهم وفي الوقت ذاته لا يعني ألا تعاقبهم. وأضافت المعلمة أنها تخشى من تحمل المسؤولية، لأن العديد من أهالي الطلاب يثقون بأبنائهم لا بالكادر التعليمي، وبالتالي تفضل أن ترسل الطالب المشاغب إلى الإدارة وتترك للمدير مسؤولية اختيار العقوبة المناسبة.

وكانت وزارة التربية قد عممت قراراً بمنع أي شكل من الاعتداء الجسدي أو اللفظي على الطلاب تحت أي مبرر، مشيرة أنه يستعاض عنه باستخدام الوسائل التربوية البديلة التي تهدف إلى تقويم السلوك، وتعزيز الانضباط بروح تربوية بعيدة عن الإيذاء، إضافة للعقوبات المقررة في الأنظمة الداخلية. وذكرت التربية أن الهدف من التعميم، ضمان حماية المعلمين من أي مساءلة غير منصفة أو تحميلهم تبعات أخطاء غير مقصودة.

ويرى البعض أن التعميم، رغم أهميته، يحتاج إلى إجراءات مرافقة على الأرض، كتفعيل قسم الإرشاد النفسي في المدارس، وتدريب الكادر التدريسي على بدائل العقاب البدني، إلى جانب وضع بروتوكول واضح للتعامل مع اعتداءات الأهالي أو الطلاب على المعلمين، بما يضمن التوازن بين الانضباط وحماية الكادر.

ماذا تقول منظمة الصحة العالمية عن العقاب الجسدي؟

تؤكد منظمة الصحة العالمية أنّ العقاب الجسدي يترك آثاراً نفسية وجسدية ضارة على الأطفال، إذ لا تقتصر استجابتهم على الإحساس بالألم أو الخوف أو الغضب أو الخجل، بل تمتد لتشمل إجهاداً فسيولوجياً وتفعيل مسارات عصبية ترتبط بحالات التأهب والخطر. وتشير المنظمة في تقرير لها، إلى أنّ الأبحاث العلمية تربط بين العقوبة الجسدية ومجموعة واسعة من النتائج السلبية، سواء كانت آنية أم طويلة الأمد، قد تصل في بعض الحالات إلى إصابات خطيرة أو إعاقات دائمة أو حتى الوفاة.

كما تُظهر الدراسات أنّ هذه الممارسات تزيد من احتمال الإصابة بـالاضطرابات السلوكية واضطرابات القلق والاكتئاب والشعور باليأس، وضعف تقدير الذات، وإيذاء النفس ومحاولات الانتحار، والإدمان على الكحول والمخدرات، إلى جانب العدوانية وعدم الاستقرار العاطفي، وهي آثار تمتد غالباً إلى مرحلة البلوغ. ويؤدي التعنيف إلى التسرب المدرسي وتراجع الأداء الأكاديمي والمهني، فضلاً عن ضعف الالتزام بالقيم الاجتماعية، وتنامي السلوك العدواني والمعادي للمجتمع، ما يزيد من احتمالات ارتكاب سلوكيات عنيفة أو إجرامية في مراحل لاحقة من الحياة.

وتوضح المنظمة كذلك أنّ الأطفال الذين يتعرضون للعقاب البدني يظهرون استجابة هرمونية مفرطة تجاه الضغوط، وإرهاقاً في الأجهزة الحيوية، كالجهاز العصبي والقلب والأوعية الدموية، إضافة إلى تغيرات في بنية الدماغ ووظائفه نتيجة التوتر المزمن.

ويشير تربويون إلى أن وجود حالات عنف لفظي ضد المعلمين والمعلمات، يعكس تراجع الثقة الاجتماعية بمؤسسة التعليم، وغياب ثقافة الحوار التربوي داخل المدرسة، فبينما يفترض أن يكون التعميم الوزاري رادعاً لأي تجاوز بحق الطلاب، إلا أن تطبيقه دون توفير آليات حماية موازية للكادر التعليمي، يخلق شعوراً بالخوف لدى المعلمين، ويضعف هيبة المؤسسة التعليمية برمّتها.

مشاركة المقال: