الأحد, 19 أكتوبر 2025 01:10 AM

نضال بكور يستكشف الروابط الخفية: هل تحكم الأرواح علاقاتنا؟

نضال بكور يستكشف الروابط الخفية: هل تحكم الأرواح علاقاتنا؟

يتناول المهندس نضال رشيد بكور الحديث الشريف: "الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف"، مشيراً إلى وجود روابط خفية بين البشر تسبق اللقاء المادي وتؤثر فيه.

يثير هذا تساؤلاً فلسفياً قديماً: هل العلاقات الإنسانية مجرد مصالح وروابط اجتماعية، أم أن هناك "بنية ميتافيزيقية" للوجود الإنساني تتفاعل فيها الأرواح؟ يشبه ذلك ما يتحدث عنه العلم اليوم من ذبذبات وطاقات كهرومغناطيسية واهتزازات دقيقة يبثها كل كائن حي.

فعندما تتقارب ترددات شخصين، يحدث نوع من "الرنين" أو التوافق، وإذا تنافرت، يحصل النفور. هنا يظهر تقارب بين اللغة الدينية (الأرواح) واللغة العلمية (الذبذبات).

تحاول الفلسفة أن تجعل من هذا اللقاء أرضية للتفكير، معتبرة أن اختلاف الألفاظ قد يكون مجرد اختلاف في الإطار المرجعي، لكن الجوهر واحد: الوجود البشري ليس معزولاً، بل هو شبكة من التفاعلات غير المرئية.

الروح في المفهوم الديني هي جوهر لا يُدرَك بالحس المباشر، بينما الاهتزاز في المفهوم العلمي هو أثر محسوس قابل للقياس. لكن كلاهما يشير إلى أن الإنسان ليس كياناً مغلقاً، بل منفتح على الآخر من خلال روابط غير مادية.

فعندما يتعارف جوهران أو تتوافق تردداتهما، ينشأ الانجذاب، وإذا اختلفا، ينشأ التنافر. هذا الفهم يعطينا تصوراً عميقاً عن العلاقات الإنسانية، فهي ليست مجرد صدفة اجتماعية، بل نوع من التجاوب الكوني. وهذا يعيد تعريف الصداقة والحب والكراهية، فهي ليست فقط نتاج تجارب وظروف، بل انعكاس لتوافق أو تنافر "أعماق غير مرئية" فينا.

بالتالي، يعلمنا الحديث الشريف أن نحترم هذه الطبيعة: لا نستطيع أن نفرض المحبة على النفوس، ولا أن نفسر كل النفور بالعقل وحده. في النهاية، يكشف حديث الأرواح أن الإنسان ليس مجرد جسد وعقل، بل هو إشعاع وجودي يتجاوب مع إشعاعات الآخرين.

العلم الحديث بحديثه عن الذبذبات والطاقات لا ينقض هذا، بل يقدم لغة أخرى لذات الحقيقة. الفلسفة تجعلنا ندرك أن التآلف والتنافر بين البشر هو جزء من نسيج كوني أعمق، حيث كل روح أو طاقة تبحث عن نظيرتها، لتكتمل أو لتتعارض.

(أخبار سوريا الوطن-2)

مشاركة المقال: