الأربعاء, 15 أكتوبر 2025 11:36 PM

هجرة قسريّة: اعتداءات إسرائيلية تدفع سكان قريتين شركسيتين في القنيطرة إلى النزوح

هجرة قسريّة: اعتداءات إسرائيلية تدفع سكان قريتين شركسيتين في القنيطرة إلى النزوح

تعاني قريتا بريقة وبئر عجم، اللتان تقطنهما أغلبية شركسية في محافظة القنيطرة جنوبي سوريا، من نزيف ديموغرافي حاد نتيجة لتكرار الاعتداءات الإسرائيلية، مما جعلهما شبه خاليتين من السكان.

روى سيف الدين جاويش، مختار القريتين، لوكالة الأناضول تفاصيل الأوضاع في بريقة وبئر عجم، الواقعتين على بعد حوالي ثلاثة كيلومترات من خط وقف إطلاق النار بين سوريا وإسرائيل.

قبل عام 2011، كانت القريتان تضمّان نحو 250 عائلة شركسية، بينما لا يتجاوز عددها الآن 60 عائلة تقريبًا، ويغلب عليها المسنون والمتقاعدون، حيث يفضل الشباب عدم العودة إلى أماكن لا توفر فرص عمل أو أمانًا للحياة اليومية.

يعزو الأهالي هذا التراجع إلى النشاط العسكري الإسرائيلي المكثف، وعمليات المراقبة المتواصلة، والقيود المفروضة على حركة السكان وتنقلاتهم.

تقع بريقة وبئر عجم في محيط حساس بالقرب من خط التماس، مما جعلهما عرضة لدوريات مستمرة للقوات الإسرائيلية التي تتوغل بالقرب من التجمعات السكنية وتفرض في بعض الأوقات حصارًا على الأحياء.

بالإضافة إلى ذلك، أدى إنشاء إسرائيل مواقع عسكرية في محيط القريتين ودخول آليات عسكرية أحيانًا إلى الأحياء إلى تحويل بعض البيوت إلى أطلال، بينما يكافح من تبقى من السكان لمواصلة حياتهم في ظروف صعبة.

وفي حديثه للأناضول، قال جاويش إن "وسائل النقل في القريتين تكاد تكون متوقفة، والطلاب والموظفون لا يستطيعون الوصول إلى مدارسهم وأعمالهم".

وأضاف أن المنطقة كانت وجهة للزوار من دمشق ودرعا ومناطق أخرى، وكانت الحركة التجارية والاجتماعية نشطة، أما اليوم فقد تقلصت تلك الأنشطة بشكل كبير، وغادر معظم الشباب إلى المدن الكبرى أو خارج البلاد بسبب تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية.

ويضيف جاويش أن الدوريات الإسرائيلية تعبر القريتين عدة مرات في اليوم، صباحًا وظهراً ومساءً، وفي بعض الأحيان تدخل إلى المنازل وتحتجز أشخاصًا لفترات.

وأشار إلى أن "سكان القرى كانوا يستقبلون الزائرين في عطلات نهاية الأسبوع، أما الآن فالجميع بات يخشى الخروج".

وذكر أن إسرائيل "أنشأت نقاطًا عسكرية في التلال المحيطة بالقريتين"، موضحًا أن وجودها "بات يطوق الحياة اليومية، بحيث يشعر الأهالي وكأن الوجود العسكري يقبع على صدرهم".

وقال جاويش بلهجة متعبة: "نحن الشركس نعيش في هاتين القريتين بسلام، ومنذ شهور اعتقلت إسرائيل بعض أبنائنا، تعبنا من الحروب ونريد السلام والأمن".

وطالب إسرائيل "بالانسحاب من أرضنا والعودة إلى خط وقف إطلاق النار"، قائلاً "أمضينا أعمارنا في الحروب والخراب، ونريد أن ينقضي هذا الكابوس".

ولفت إلى أن هذا الواقع "يتجسد أيضًا في المنشآت المهجورة، بما فيها نقطة مراقبة للأمم المتحدة وغيرها من الأبنية الرسمية التي لحقتها أضرار جسيمة على يد القوات الإسرائيلية المتوغلة".

ورغم أن الإدارة السورية الجديدة القائمة منذ أواخر ديسمبر/ كانون الأول 2024 لم تشكل أي تهديد لتل أبيب، توغل الجيش الإسرائيلي مرارًا داخل أراضي سوريا وشن غارات جوية قتلت مدنيين ودمرت مواقع وآليات عسكرية وأسلحة وذخائر تابعة للجيش.

ومنذ 1967، تحتل إسرائيل معظم مساحة هضبة الجولان السورية، واستغلت أحداث الإطاحة بالرئيس بشار الأسد أواخر 2024 ووسعت رقعة احتلالها.

ومنذ 7 أشهر يحتل الجيش الإسرائيلي شريطا أمنيا بعرض 15 كيلومترا في بعض المناطق جنوبي سوريا، ويسيطر على أكثر من 40 ألف سوري داخل المنطقة العازلة السورية المحتلة.

مشاركة المقال: