أصدرت نقابة أطباء سوريا إنذارًا بالإخلاء خلال عشرة أيام لمستأجر مبنى ملهى "الحصان الجامح" الكائن في قلب العاصمة السورية دمشق. استندت النقابة في إنذارها إلى "استخدام المستأجر للسلطة الفاسدة لإبرام عقد مجحف" لاستئجار العقار الذي يعود في ملكيته إلى النقابة.
نشرت النقابة الإنذار يوم الخميس على صفحتها الرسمية على موقع "فيسبوك"، وجاء فيه: "إلى ملهى الحصان الجامح، شاغل العقار رقم 2168 صالحية جادة الكائن في الصالحية شارع مأمون البيطار مقابل نادي الضباط من جهة الجنوب تحت مجلس الدولة والعائدة ملكيته إلى خزانة تقاعد أطباء سوريا، وبعد التدقيق في عقود الإيجار المبرمة معكم للعقار المذكور أعلاه تبين استخدامكم السلطة الفاسدة الممنوحة لكم للضغط على إبرام العقود الجائرة والمجحفة بحق العقار المذكور لقاء بدل عشرة ملايين ليرة سورية سنوية".
وتابع الإنذار الذي حمل توقيع نقيب الأطباء مالك العطوي: "نعلمكم فسخ العقود المنظمة واستلام العقار المشغل من قبلكم خلال مدة أقصاها عشرة أيام من تاريخه، تحت طائلة المسؤولية والإخلاء الفوري بمساعدة الضابطة العدلية".
وفي تصريح خاص لـ"القدس العربي"، أوضح العطوي أن المستأجر قد ارتكب مخالفات للعقد، حيث كان من المفترض تحويل العقار إلى محل لتقديم المرطبات، إلا أنه حُوّل إلى ملهى ليلي منذ سنوات طويلة. بالإضافة إلى ذلك، قام المستأجر بتغيير مواصفات العقار بإزالة جدران وبناء أخرى، معتبراً هذه المخالفات سبباً للإخلاء. وأشار إلى أن النقابة لديها العديد من العقارات المؤجرة في مختلف المحافظات، لكن المخالفات في هذه الحالة واضحة.
من جانبه، اعتبر الخبير القانوني المحامي عارف الشعال أن فسخ العقد من طرف واحد مخالف للقانون، وحتى في حال تدخل النائب العام لتنفيذ الإخلاء، فإنه بذلك يخرق القانون رقم 20 لعام 2015. وأوضح أن المؤجر يمكنه رفع دعوى إخلاء على المستأجر في حال إساءة استعمال المأجور، كاستخدامه مركزًا للقمار أو ما شابه. وأكد أنه حتى في هذه الحالة، فإن القضاء هو من يبت في الأمر، والاجتهاد في مثل هذه الدعاوى مستقر.
وأضاف الشعال أنه في حال كان الإيجار بخسًا، يمكن للمؤجر رفع دعوى تخمين للنظر بها، مشيراً إلى أن أسعار الإيجار الرائجة في منطقة الصالحية للمحال قد تصل إلى المليارات. وأوضح أن مشكلة الإيجارات المنخفضة لأملاك النقابات موجودة، حيث تمتلك نقابة المحامين عشرات العقارات في منطقتي الحريقة والصالحية، وهما من أهم الأسواق التجارية في دمشق، ومؤجرة بعقود لقاء مبالغ رمزية لقدمها، ولم تستطع النقابة فعل أي شيء مع المستأجرين.
وذكر أن نقابة المحامين تمكنت منذ سنتين أو ثلاث من استعادة عقار مؤجر كان يستثمر كملهى ليلي في منطقة الصالحية بالتراضي، إضافة إلى نجاحها في تعديل إيجار عقارات أخرى ورفع بدلاتها البخسة بعد تحريك دعاوى ضد المستأجرين.
وأوضح أن إنذار نقابة الأطباء بصيغته الحالية هو محاولة لاستجلاب تعاطف الشارع المحافظ، ويشكل من الناحية القانونية سابقة خطيرة ومخالفة واضحة للقانون الناظم لعقود الإيجار. وأكد أن معظم الإيجار الخاضع للتمديد الحكمي والمؤجر قبل عام 2006 يعاني من مشاكل مماثلة فيما يتعلق بقيمة الإيجار البخسة، والتي تمت على خلفية دفع المستأجر مبلغًا كبيرًا فيما يعرف بـ"الفروغ".
وذكر أن مثل هذه العقود أثارت في الأشهر الماضية مشاكل كبيرة بين تجار دمشق الذين نظموا وقفات احتجاجية في الحريقة وأمام وزارة العدل، التي يبدو أنها أعدت أكثر من مشروع قانون بانتظار تشكيل مجلس الشعب لإقرارها.
وقد لاقى إنذار نقيب الأطباء ارتياحًا وتأييدًا بين المعلقين عليه، وخاصة من الأطباء. واعتبر أسامة المبارك ما تم بأنه "خطوة عظيمة"، مشيراً إلى أن "الطامة الكبرى كانت أن يتم تأجير عقار عائد لنقابة أطباء سوريا منذ عام 1973 ليستخدم ملهى وناد ليلي لقاء بدل إيجار بخس وصاحبه جنى المليارات، بينما هناك أطباء متقاعدون في حاجة لتحسين حالهم المادي".
* صحيفة القدس العربي