هارون العربيد – السويداء
تشهد محافظة السويداء جنوبي سوريا تدهوراً اقتصادياً متزايداً، يتجلى بشكل واضح في أزمة المواصلات التي تؤثر سلباً على حياة السكان، وذلك نتيجة لشحّ المواد الأساسية ونقص حاد في المحروقات.
وقد ارتفعت أجور النقل بشكل ملحوظ على العديد من الخطوط، مما فاقم من معاناة الأهالي، خاصة مع التأخر في صرف رواتب الموظفين والتوقف شبه الكامل للعديد من القطاعات الخدمية.
نقص المازوت يغلق الطرق ويعطل المدارس
يقول معذى جباعي، وهو مدرس متقاعد من مدينة السويداء، لنورث برس: "إن أزمة المواصلات وغيرها من الأزمات تعود بشكل أساسي إلى الحصار المفروض علينا، والذي أدى إلى تقليل كميات المازوت والمحروقات الواردة إلى المحافظة. وقد انعكس هذا سلباً على الجميع، حتى الطلاب والمعلمون لم يعودوا قادرين على الالتزام بالدوام المدرسي، بالإضافة إلى الموظفين".
ومنذ الأحداث الأخيرة التي شهدتها السويداء، تقلصت كمية المواد الواصلة إلى المحافظة بعد أن كانت شبه معدومة في الأيام الأولى التي تلت الاشتباكات الدامية.
ويضيف جباعي: "ارتفعت أجور النقل من حي الكوم إلى وسط المدينة (5 كم) من 3000 إلى 4000 ليرة. هذه الزيادة، على الرغم من بساطتها، تثقل كاهل الراكب، خاصة مع الرواتب المتدنية وتكاليف الخبز والتدفئة مع اقتراب فصل الشتاء. طريق دمشق–السويداء، الذي كان شريان الحياة، أُغلق قسراً، مما زاد الوضع سوءاً".
من جانبه، يوضح أدهم عزام، وهو سائق حافلة، أن رفع أجور الركاب لم يكن خياراً سهلاً: "نتقاضى 4000 ليرة للراكب، وهذا ليس استغلالاً، بل اضطراراً. نشتري المازوت بـ 23 ألف ليرة وهو غير متوفر دائماً. نحن محاصرون بالمازوت والغاز والبنزين والخبز وحتى الكهرباء والإنترنت. ومع ذلك، نحن صابرون لأننا نريد العيش بأمان، وسنبقى يداً واحدة في السويداء".
رواتب الموظفين تذهب على النقل
في المقابل، يرى فيصل أبو بكر، من بلدة بكّة بريف السويداء الجنوبي، في حديثه لنورث برس، أن الزيادة الأخيرة على الرواتب لا جدوى منها: "أحتاج يومياً ما بين 25 و 30 ألف ليرة فقط للمواصلات، أي أن الراتب يذهب على النقل وحده دون احتساب الطعام والمصاريف الأخرى. الزيادة التي حصلنا عليها أخذوها باليسار بعدما أعطوها باليمين".
أما ماهر الحسنية، سائق على خط ذيبين–السويداء، فيقول إن اضطراب أسعار المازوت انعكس مباشرة على أجور النقل: "كنا نتقاضى 10 آلاف ليرة، ثم رفعنا الأجرة إلى 15 ألفاً بعد وصول سعر المازوت إلى 25 ألفاً. وحين توفّر المازوت نسبياً أعدناها إلى 10 آلاف. مع ذلك، هذه الأسعار لا تناسب دخل المواطن ولا تلبي حاجات السائق الذي يتحمل تكاليف الإصلاح والإطارات وقطع الغيار".
تتجلى أزمة المواصلات في السويداء كواحدة من أبرز نتائج الأحداث الأخيرة ونقص المحروقات، لتضيف عبئاً جديداً على كاهل السكان، في وقت يغيب فيه أي بوادر لحل جذري يخفف من معاناتهم اليومية.
تحرير: معاذ الحمد