تقود المملكة العربية السعودية جهودًا مكثفة لدعم سوريا في مسيرة إعادة الإعمار واستعادة دورها المحوري في المنطقة، وذلك من خلال إبرام اتفاقيات استثمارية هامة وتقديم دعم مالي مباشر للقطاع العام السوري. هذه الخطوات تفتح آفاقًا جديدة للعلاقات بين البلدين بعد سنوات من العزلة والعقوبات، وفقًا لتصريحات مسؤولين سعوديين رفيعي المستوى.
أكد وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، على وقوف المجتمع الدولي إلى جانب سوريا في هذه المرحلة الدقيقة، مشيرًا إلى أن اللمسات الأخيرة توضع حاليًا على العديد من الاستثمارات في ظل هذا الانفتاح الجديد. وصرّح الجدعان، خلال زيارته إلى واشنطن لحضور الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، قائلاً: "نحن ندعم سوريا. ونؤمن بجدية وإخلاص جهودهم الرامية إلى تحقيق ما هو في صالح شعبهم". وأشار إلى أن رفع العقوبات من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد ساهم في تسهيل الطريق أمام استثمارات القطاع الخاص.
وأضاف الجدعان: "أستطيع أن أؤكد أن تدفق الاستثمارات يتزايد الآن نحو سوريا، وعن معرفة شخصية، أرى أن العديد من هذه الاستثمارات في مراحلها النهائية".
صندوق النقد الدولي يدخل على الخط
من جهتها، أكدت كريستالينا جورجيفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، أن الصندوق يعمل بتعاون وثيق مع السلطات السورية والبنك الدولي من أجل تطوير مؤسسات مالية مركزية، وعلى رأسها البنك المركزي السوري، ليكون دعامة للاستقرار والنمو الاقتصادي. وتعتبر زيارة فريق من الصندوق إلى دمشق في شهر يونيو/حزيران الماضي – وهي الأولى من نوعها منذ عام 2009 – تحولًا دبلوماسيًا واقتصاديًا يعكس رغبة المؤسسات الدولية في إعادة دمج سوريا في النظام المالي العالمي.
كما أشارت جورجيفا إلى تلقيها دعوة رسمية من وزير المالية السوري لزيارة دمشق، في خطوة رمزية تعكس دلالات سياسية واقتصادية هامة حول استئناف التواصل المباشر بين دمشق والمنظمات الدولية.
دعم مالي مشترك وعودة قطاع الطاقة إلى الواجهة
في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت السعودية وقطر عن تقديم دعم مالي مشترك بقيمة 89 مليون دولار أمريكي للعاملين في القطاع العام السوري، وهو أول تعاون عربي من نوعه منذ سنوات. وأوضح الرئيس التنفيذي للصندوق السعودي للتنمية، سلطان بن عبد الرحمن المرشد، أن هذا التمويل يهدف إلى ضمان استمرارية الخدمات الأساسية ورواتب العاملين، وذلك ضمن "رؤية القيادة السعودية لتعزيز التنمية المستدامة في سوريا".
وفي السياق ذاته، أعلنت وزارة الطاقة السورية عن تشكيل لجنة مشتركة مع شركة "أرامكو" السعودية لتأسيس شركة قابضة للطاقة تابعة للصندوق السيادي السوري، في خطوة تهدف إلى إعادة هيكلة قطاع الطاقة وتقليص البيروقراطية، بعد سنوات من الأزمات التشغيلية والمالية التي أرهقت البلاد.