شهد البرلمان التركي مناقشات حادة وتبادل للاتهامات بين النواب القوميين والأكراد، وذلك على خلفية انتقادات وجهها عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون، لوسائل الإعلام بسبب تقييمها لعملية السلام الداخلي التي دعا إليها، والتي تتضمن حل الحزب ونزع أسلحته.
تزامن ذلك مع اجتماعات لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية»، التي شكلها البرلمان بهدف وضع الأساس القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني.
وقد وقعت مشادة كلامية حادة بين نائب رئيس المجموعة البرلمانية لحزب «الجيد»، تورهان تشوميز، ونائبة رئيس البرلمان عن حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد، بروين بولدان، خلال الجلسة المسائية للبرلمان، ليل الثلاثاء إلى الأربعاء.
بدأ النقاش عندما وجه تشوميز حديثه إلى بولدان قائلاً: «أنت الآن تجلسين على المقعد الذي جلس عليه مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس البرلمان وقائد نضال تركيا من أجل الاستقلال. لكننا علمنا الأسبوع الماضي أن من واجبكم أيضاً أن تكونوا بمثابة (ممثل) لـ(إرهابي حقير) قتل 50 ألف شخص، بينهم رجال من الشرطة والجيش والجنود والمعلمون وحراس القرى وذبح شعبنا. لا يمكنكم فعل هذا؛ هذا خطأ فادح».
وردت بروين بولدان قائلة: «أرفض كلامك، لن أقبل أبداً، ولن أسمح بإهانة هذه المنصة. إن كل ما نفعله هو من أجل السلام والديمقراطية والتضامن ومنع موت أطفالنا في هذا البلد. لذلك، ما تقولونه لا يؤثر علينا، وعليكم أن تعلموا ذلك. سنواصل الحديث عن السلام والأخوة، وسنواصل العمل على حل هذه المشكلة».
وفي تصريحات أدلت بها عقب زيارتها لأوجلان ضمن وفد حزبها المعروف باسم «وفد إيمرالي»، قالت بولدان إنه «ركز على قضية أزعجته كثيراً، وهي لغة الإعلام. لديه انتقادات لاذعة للغة الإعلام، وقال صراحة إن العديد من القنوات والمعلقين لا يزالون يتبنون خطاباً عدائياً من الماضي».
وأضافت أن الحكومة هي المسؤولة عن تحسين هذا الوضع، فهي تملك كل السلطة وتسيطر على كل جانب من جوانب الحياة.
ولم يقتصر الأمر على المشادة بين تشوميز وبولدان، بل هاجم رئيس حزب «الجيد»، موساوات درويش أوغلو، حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لحزبه الأربعاء، واصفاً إياه بأنه الامتداد السياسي للعمال الكردستاني.
وقال: «لو سألتموهم اليوم لقالوا دفاعاً عن أنفسهم: (50 عاماً، ارتكبنا مجازر من أجل الديمقراطية، وأنفقنا الأموال التي كسبناها من تجارة المخدرات من أجل السلام). يتحدثون على منصة البرلمان ويطلقون على قاتل 50 ألفاً من شعبنا لقب (القائد المؤسس)، ومع ذلك يزعمون، دون خجل، أنهم يقاتلون من أجل السلام ومن أجل هذا البلد».
وأضاف: «قادتهم قتلة، ومتحدثوهم مدمنون، وعقولهم للإيجار، وأرواحهم للبيع، وأيديهم ملطخة بالدمار، وكلماتهم خيانة، ومسكنهم جبل قنديل (شمال العراق)، وإيمرالي (سجن أوجلان) بوصلتهم، يهددون الصحافيين تحت ستار زعيم الإرهابيين الذي يضايقه الإعلام».
وردت المتحدثة باسم حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، عائشة غل دوغان، على درويش أوغلو، قائلة عبر حسابها في «إكس»: «حزب (الجيد) أنتم تجار (الحساسية الوطنية)، الدم والحرب والموت (بوصلتكم)، أنتم بؤساء تقتاتون على الحرب وتظنونها ازدهاراً، أنتم جبناء تخافون لأنكم تشعرون بأن السلام ممكن. كلّما ازداد خوفكم ازدادت كراهيتكم، وسقط قناعكم… سنجلب السلام والأخوة والديمقراطية إلى هذا البلد رغماً عنكم».
ودخلت شركة المحاماة «آسرين» التي تتولى الأعمال القانونية لأوجلان على خط الأزمة، وأصدرت بياناً بشأن حديث نائب رئيس المجموعة لحزب «الجيد» تورهان تشوميز، ووصفته بأنه حديث «استفزازي» و«لغة بذيئة» تجاه أوجلان، كما وصفت تشوميز بـ«المحرض» الذي يسعى وراء مكاسب شخصية زهيدة من خلال الهجوم على «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي» ومحاولة تقويضها.
ووسط هذا التوتر، واصلت لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية»، التي شكلها البرلمان التركي لوضع الأساس القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني اجتماعاتها، التي بدأت منذ 5 أغسطس (آب) الماضي. وعقدت اللجنة، الأربعاء، لجنة الاستماع الـ15، واستمعت خلالها إلى ممثلي منظمات الشباب والمرأة.
(aawsat)