يواجه وزير العدل اللبناني، عادل نصار، اتهامات بعرقلة الجهود المبذولة لإيجاد حلول لملف المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية. ووفقًا لأربعة مصادر لبنانية (حقوقيان، مصدر قضائي، وآخر حزبي) تحدثت لموقع عنب بلدي، فإن هذه العرقلة تأتي بهدف مجاملة "حزب الله" والسعي للحصول على دعمه في الانتخابات النيابية المقبلة.
أوضحت المصادر أن الوزير نصار، المنتمي إلى حزب "الكتائب"، يسعى إلى كسب تأييد حزب الله قبل انتخابات أيار 2026، وذلك من خلال تعطيل مسار التسوية المتعلقة بالمعتقلين السوريين. وأشار مصدر حقوقي مطلع إلى أن نصار "يتعامل مع القضية بتعنت واضح، إذ يصرّ على دراسة كل ملف على حدة"، في حين كان وزير الخارجية اللبناني، يوسف رجي، يفضل تسليم جميع السجناء السوريين دفعة واحدة إلى دمشق.
أدى الخلاف بين الوزيرين إلى تدخل رئيس الحكومة نواف سلام، الذي شكل لجنة برئاسة نائبه طارق متري لبحث الملف. ويرجع المصدر موقف نصار إلى "محاولة تبييض وجه مع حزب الله"، مشيرًا إلى أن الأخير طلب من دمشق تسليم سجناء من الحزب موقوفين في سوريا مقابل تسريع إجراءات تسليم المعتقلين السوريين في لبنان.
مصدر حقوقي ثانٍ أكد أن الحسابات الانتخابية تلعب دورًا في الموقف الراهن، حيث يُعدّ "الدفاع عن الجيش اللبناني" ورقة انتخابية متكررة لدى الأحزاب المسيحية، ما يدفع حزب "الكتائب" إلى استثمار الملف ورفض الإفراج عن المعتقلين السوريين بتهمة "قتال الجيش اللبناني".
في المقابل، نفى مصدر رفيع في حزب الكتائب، مقرب من الوزير نصار، اتهامات العرقلة، مؤكدًا أن الوزير "يتعامل مع الملف بمقاربة قانونية وحقوقية بحتة"، وأن اجتماعه الأخير مع وزير العدل السوري كان "مثمرًا جدًا". وأضاف المصدر أن "الحزب لا علاقة له بالملف ولا يتدخل في الشؤون القضائية"، مشيرًا إلى أن القضية "غير مرتبطة بالانتخابات النيابية ولا تؤثر فيها".
تقدّر الشبكة السورية لحقوق الإنسان عدد المحتجزين السوريين في سجن رومية بنحو 2000 شخص، بينهم نحو 190 معتقلًا على خلفية مشاركتهم في الثورة السورية، فيما تشير تقديرات جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية إلى وجود 622 لبنانيًا مفقودًا في سوريا.
في 14 تشرين الأول الحالي، عقد وزيرا العدل السوري مظهر الويس واللبناني عادل نصار مؤتمرًا صحفيًا في بيروت، أكدا فيه "الرغبة في التعاون"، لكنهما أشارا إلى أن "الرؤية النهائية لم تتبلور بعد". وقال الويس إن "ما حصل في سوريا كبير على المستوى القانوني والدستوري، ووجهات النظر قريبة، والإرادة والرغبة مشتركتان"، فيما شدد نصار على "ضرورة احترام الأطر القانونية وسيادة الدولتين".
جاء المؤتمر بعد زيارة وفد حكومي سوري رفيع إلى بيروت، ضم وزير الخارجية أسعد الشيباني ورئيس الاستخبارات العامة حسين السلامة، لبحث سبل التعاون في رفع الظلم عن المعتقلين السوريين وتحقيق العدالة. وأوضح الشيباني أن الوفد "أحرز تقدمًا كبيرًا في ملف سجناء رومية"، متوقعًا "نتائج ملموسة في الفترة المقبلة"، في حين تبقى قضيّة المعتقلين السوريين والمفقودين اللبنانيين أبرز الملفات المطروحة بين الجانبين السوري واللبناني.