أكد المحلل السياسي أن المشهد الدبلوماسي السوري يشهد تحولاً كبيراً نحو دولة جديدة تعيد الاعتبار للسيادة والندية في العلاقات الدولية، وتسعى لتصحيح مسار المصالح مع الشركاء الإقليميين والدوليين بما يخدم المصلحة الوطنية العليا واستقلال القرار السوري، وذلك بعد سنوات من الارتهان والاختلال الذي كرسه النظام البائد.
وفي تصريح لـ"الوطن"، أوضح العبسي أن السياسة الخارجية السورية تتميز اليوم بالابتعاد عن سياسة المحاور والاستقطاب، وتبني مبدأ الاستقلال في القرار والمصالح العليا للشعب. وقد تجلى ذلك في إدارة دمشق لعلاقاتها مع الدول الكبرى، وعلى رأسها روسيا والصين، إضافة إلى دول الجوار كلبنان. وأشار إلى أن الملف الروسي كان من أكثر الملفات تعقيداً وحساسية، والذي ورثته الدولة الجديدة عن النظام البائد، بعد أن حوله الأخير إلى أداة لتثبيت سلطته على حساب سيادة البلاد، كما ذكر وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني في مقابلته مع قناة الإخبارية السورية.
وأضاف العبسي أن القيادة السورية نجحت في تحييد الدور الروسي خلال معركة "ردع العدوان"، ثم أعادت فتح القنوات الدبلوماسية مع موسكو من موقع قوة، مؤكداً أن إسقاط النظام البائد لا يعني إسقاط العلاقات التاريخية مع روسيا، بل تصحيحها لتقوم على الندية والمصالح المشتركة.
وثمّن العبسي النهج الجديد للدبلوماسية السورية، والذي أعاد تقييم الاتفاقيات السابقة مع موسكو، بما فيها المتعلقة بقاعدتي حميميم وطرطوس، حيث أصبح الوجود الروسي في سوريا معلقاً ريثما يُعاد تعريف دوره وفق رؤية وطنية واضحة تضع مصالح السوريين فوق كل اعتبار، كما أوضح الوزير الشيباني.
وأشار إلى أن الدبلوماسية السورية امتدت إلى الصين أيضاً، حيث جرى ترميم العلاقة مع بكين التي كانت منحازة للنظام البائد، بينما تسعى سوريا اليوم إلى علاقة متكافئة تتيح لها الاستفادة من الخبرة الصينية في إعادة الإعمار، دون أن تتحول إلى ساحة نفوذ جديدة.
وفيما يتعلق بلبنان، أوضح العبسي أن سوريا الجديدة تنطلق في علاقتها مع لبنان من مبدأ التكامل لا الوصاية، وتسعى إلى بناء علاقات طبيعية قائمة على حسن الجوار والتعاون، تشمل تنظيم عودة اللاجئين السوريين بشكل كريم، ومعالجة الملفات العالقة، ومنها قضية الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية، ما يعكس توجهاً إنسانياً ودبلوماسياً جديداً يعيد الثقة بين الشعبين.
وختم العبسي بالتأكيد على أن نجاح الدبلوماسية السورية في هذه الملفات يثبت أن سوريا الجديدة تمارس سياسة خارجية ناضجة وعقلانية، وتضع مصلحة المواطن السوري وكرامته في أولوياتها، وتؤكد أن زمن الارتهان والصفقات المشبوهة قد ولى.