تبقى مدينة جبلة، التي يعتبر ريفها من أكبر أرياف مدن محافظة اللاذقية، تعاني من نقص في المنشآت الصحية الحكومية. فالمشفى الوطني الوحيد الموجود يخدم المدينة وريفها الواسع، مما يجعله تحت ضغط هائل يفوق طاقته الاستيعابية. بالمقارنة مع مدينة اللاذقية التي تتوزع فيها عدة مشاف عامة كالمشفى الوطني والجامعي والتوليد والأطفال وجراحة القلب، ومدينتي القرداحة والحفة اللتين يوجد في كل منهما مشفى ضخم يُخدم بشكل جيد، فإن جبلة بحاجة ماسة إلى مشفى جديد يلبي احتياجات المواطنين.
خدمات طبية كبيرة بموارد محدودة
التقت صحيفة "الحرية" بمدير مشفى جبلة الوطني، الدكتور محمد عميش، للوقوف على الواقع الصحي في المشفى. أوضح الدكتور عميش أن المشفى يضم حالياً 57 سريراً فقط، ويتحمل العبء الأكبر في تقديم الخدمات الطبية والعلاجية لما يزيد على مليون نسمة، أي ما يعادل ثلث سكان محافظة اللاذقية، معظمهم من سكان ريف جبلة الذي يفتقر إلى مراكز صحية مؤهلة. ورغم ضعف الإمكانيات، يقدم المشفى باقة واسعة من التخصصات الطبية تشمل: الطب الباطني بكل فروعه، الجراحة العامة، العظمية، البولية، النسائية والتوليد، طب الأطفال والحواضن، إضافة إلى العمليات الجراحية المرتبطة بهذه الاختصاصات.
وأضاف: يضم المشفى أيضاً قسماً للتحاليل الدموية يخدم شهرياً أكثر من 73 مريضاً من خلال 500 جلسة غسيل كلوي، ومخبراً متكاملاً يوفر التحاليل الإسعافية وغازات الدم، بالإضافة إلى قسم الأشعة الذي يقدم خدمات تصوير شعاعي، بانوراما، إيكو، وطبقي محوري. وأشار الدكتور محمد إلى أن المشكلة الأساسية التي تواجه المشفى هي قلة عدد الأسرة مقابل الكم الكبير من المرضى، إضافة إلى نقص في بعض التخصصات المهمة، كالهضمية وجراحة الأوعية والجراحة العصبية، مؤكداً أن مديرية الصحة في اللاذقية تعمل حالياً على سد هذا النقص.
"الملاذ الوحيد" بحاجة للحلول
أكد عدد من المواطنين الذين التقتهم "الحرية" داخل المشفى وخارجها أن هذا المرفق الصحي، ورغم محدوديته، يشكل "الملاذ الوحيد" لهم، وخاصة في ظل غياب أي مركز صحي مجهز في معظم قرى الريف. يقول أحد المرضى، أبو علي محمد، القادم من بلدة بيت ياشوط: "لولا مشفى جبلة لكنا سنضطر لنقل مرضانا إلى مشافي اللاذقية، التي تبعد أكثر من ساعة في بعض الحالات. هذا المشفى يعد المنفذ الوحيد في غياب دور المركز الصحي، لكنه لم يعد قادراً على تحمل كل هذا الضغط". يوافقه الرأي أبو عدي صقر من قرية بترياس، قائلاً إن مشفى جبلة يقدم خدمات تتماشى مع معطياته لكنها لا تفي الغرض بسبب عدد المواطنين.
وتجمع شهادات المرضى ومرافقيهم على أن المشكلة الأساسية لا تكمن في جودة الكادر الطبي أو الخدمات، بل في الضيق الشديد في المساحة والبنية التحتية القديمة، ما يؤثر في راحة المرضى ويؤخر الاستجابة في الحالات الإسعافية.
مشروع المشفى الجديد.. أمل مؤجل
منذ سنوات، تعاقبت الحكومات على الحديث عن مشروع المشفى الجديد في جبلة، المقرر أن يضم 200 سرير وبنية حديثة تستوعب الضغط السكاني والطبي في المدينة وريفها، لكن حتى اليوم، لا يزال المشروع "حبراً على ورق"، ما يطرح تساؤلات كبيرة لدى المواطنين حول موعد إنجازه. وأكد الدكتور محمد أن إنجاز المشفى الجديد سيمكن من إدخال خدمات العناية المشددة للبالغين والمواليد، وافتتاح أقسام طبية غير متوافرة حالياً، ما سيحدث نقلة نوعية في القطاع الصحي بالمدينة وريفها. تمت متابعة الأمر من قبل مديرية صحة اللاذقية ووزارة الصحة ووزارة التنمية السورية، والآن لديهم علم بذلك.
وأشار إلى أن المشفى يعاني من نقص في بعض المعدات، أهمها: جهاز التنظير الهضمي، جهاز التنظير البولي، وحاجة جهاز الطبقي المحوري متعدد الشرائح إلى صيانة عاجلة.
تخفيف الضغط
رغم كل التحديات، يواصل مشفى جبلة الوطني أداء دوره الإنساني والمهني بكل مسؤولية، مدعوماً بجهود الكوادر الطبية والإدارية، وبمتابعة من مديرية الصحة. إلا أن الحل الجذري يكمن في الإسراع بإنجاز المشفى الجديد، وتوفير تجهيزات متكاملة تواكب احتياجات السكان وتخفف الضغط الهائل على المشفى الحالي.
عن: أخبار سوريا الوطن - الحرية