الإثنين, 20 أكتوبر 2025 11:53 PM

زيارة الشيباني إلى بكين: هل تدشن مرحلة جديدة من التعاون السوري الصيني؟

زيارة الشيباني إلى بكين: هل تدشن مرحلة جديدة من التعاون السوري الصيني؟

مع سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول الماضي، برز سؤالان رئيسيان حول دور روسيا والصين في المشهد السوري والدولي. بعد مرور حوالي 11 شهراً، يبدو أن سؤال روسيا قد تمت الإجابة عليه إلى حد كبير بزيارة الرئيس أحمد الشرع لموسكو الأربعاء الماضي، بينما بقي سؤال الصين مطروحاً.

في مقابلة مع قناة الإخبارية السورية، تحدث وزير الخارجية أسعد الشيباني عن قواعد الدبلوماسية السورية على المستويات الإقليمية والعربية والدولية، واصفاً إياها بـ«الهادئة والمخطط لها» مع التأكيد على عدم التنازل عن حقوق السوريين. وشدد على أن مكانة سوريا هي التي تحدد العلاقة مع روسيا والصين وأوروبا.

ومع استعداد الشيباني لزيارة الصين، انطلقت التحليلات والتوقعات حول مساهمة الصين المحتملة في إعادة الإعمار ومستواها وتأثيرها المحتمل.

العودة الصحيحة

أشار الشيباني إلى أن القيادة السورية تعاملت تدريجياً مع موسكو لتحييدها عن دعم النظام السابق، وأعلن عن زيارته للصين في مطلع تشرين الثاني تلبية لدعوة منها، لبحث مجالات التعاون الاقتصادي وإسهام الصين في إعادة إعمار سوريا. وأكد على حاجة سوريا لشراكات استراتيجية حقيقية، خاصة مع الصين، في مرحلة البناء وإعادة الإعمار. هذه العبارة «لا سيما الصين» أثارت تحليلات وتوقعات حول الشراكة الاقتصادية المحتملة بين سوريا والصين، التي كانت من الحلفاء الرئيسيين لنظام الأسد.

وأضاف الشيباني أن العلاقات مع الصين تعود إلى مسارها الصحيح بعد سنوات من الاصطفاف إلى جانب النظام السابق. وكما هو معروف، فإن حضور روسيا يرتبط بحديث العسكرة والتسليح، بينما يرتبط حضور الصين بحديث الاقتصاد. وتدير القيادة السورية عودتها إلى المحافل الدولية، خاصة مع حلفاء النظام السابق، ببراغماتية لتحقيق علاقات مستقبلية متوازنة، مع الحفاظ على المصالح الوطنية العليا وعدم التعارض مع علاقاتها مع الغرب، وتحديداً أميركا. وهناك اتفاق عام على أن الدبلوماسية السورية حققت خطوات كبيرة في هذا المجال.

دبلوماسية لا تهدأ

على الرغم من أن سوريا الجديدة تصف دبلوماسيتها بالهادئة، إلا أنها دبلوماسية نشطة تعمل على مختلف المستويات لمواجهة التحديات. يمكن وصفها بدبلوماسية النفس الطويل لتحقيق الأهداف عاجلاً أو آجلاً.

بالتركيز على الصين وزيارة الشيباني المرتقبة، يبرز السؤال حول الشراكة الاقتصادية المحتملة بين سوريا والصين، وشروطها ومتطلباتها، ومدى إسهام الصين في عملية الإعمار والتنمية. زيارة الشيباني للصين تأتي في ظل عوامل ومقومات تستدعي التفاؤل بإمكانية وضع نقطة بداية لتعاون اقتصادي يتوسع باتجاه شراكة. فالصين، بالنسبة للسوريين، قد تختلف عن روسيا كحليف للنظام السابق، حيث كان لروسيا دور عسكري مباشر، بينما سجلت الصين مسافة بينها وبين النظام السابق، على الرغم من الفيتوهات المشتركة في مجلس الأمن. وتسعى سوريا إلى سياسة متعاونة مع الجميع لتحقيق المكاسب وتسريع عملية الإعمار والتنمية، مع التأكيد على دبلوماسية بعيدة عن الاستقطاب تهدف إلى «إعادة تعريف موقع سوريا كدولة تسعى للاستقرار والتعاون الدولي». وتعتبر مشاركة سوريا في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة خطوة ضرورية تعبر عن الشعب السوري للمرة الأولى بعد سنوات الحرب.

مرحلة جديدة

مع زيارة الشيباني، يمكن القول إن العلاقات السورية الصينية بصدد مرحلة جديدة بخطوات أوسع. على الرغم من وجود قضايا عالقة، مثل قضية الإيغور، إلا أن كل قضية قابلة للحل. الصين حريصة على الحفاظ على علاقتها مع سوريا وترى فيها فرصاً استثمارية كبيرة، بالإضافة إلى أن هذه العلاقة تحفظ للصين موقعاً مهماً في المنطقة بحكم موقع سوريا الاستراتيجي بين مشروعي الخط الصيني (الحزام والطريق) والخط الهندي. وتمتلك الصين قدرات مالية وتقنية هائلة يمكن أن تضمن لها حصة كبيرة في مشاريع الطاقة والبنية التحتية في مرحلة الإعمار والتنمية، وهو ما تركز عليه سوريا.

تواجه سوريا تحديات اقتصادية هائلة ومخاطر عالية في ظل بيئة غير آمنة بشكل كامل. لذلك، تحتاج سوريا إلى استعداد للمخاطرة وفصل الاقتصاد عن السياسة، أو على الأقل تقليل الاستقطاب. ولا ننسى أن الصين في قمة الهرم الاقتصادي العالمي ولها مقعد دائم في مجلس الأمن، وهو ما تضعه القيادة السورية في الحسبان.

الجهود المتبادلة

منذ سقوط النظام السابق، كانت الصين تبحث عن آلية لترتيب العلاقات مع سوريا. وبعد شهر واحد، أرسلت الصين وفداً برئاسة سفيرها بدمشق، شي هونغ وي، للقاء الرئيس الشرع. وتكررت زيارات الوفود الصينية واللقاءات مع الشيباني. واليوم، تبدو العلاقات السورية الصينية أقرب إلى إمكانية أن تكون استراتيجية، مع وجود نية وجهود متبادلة لإعادة صياغة العلاقات بما يتوافق مع المصالح المشتركة. لننتظر زيارة الشيباني وما سيخرج عنها، وبعدها قد يكون لنا حديث آخر أوسع وأكثر تحديداً ودقة.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: