الثلاثاء, 21 أكتوبر 2025 12:00 AM

ترحيل عائلة سورية من ألمانيا بعد اتهامها بارتكاب 160 جريمة

ترحيل عائلة سورية من ألمانيا بعد اتهامها بارتكاب 160 جريمة

رحّلت السلطات الألمانية عائلة سورية مكونة من 20 شخصًا كانت تقيم في مدينة شتوتغارت الألمانية إلى سوريا، وذلك بعد ضغوط من السلطات المحلية، وفقًا لما نقلته الوكالة الألمانية للأنباء (DPA) يوم الاثنين 20 من تشرين الأول.

أفادت وزارة العدل في ولاية بادن-فورتمبيرغ بأن ما يُعرف بـ "فريق الأجانب الخطرين" قد أنهى إقامة العائلة السورية، من خلال ما وصفته بـ "خروج مراقَب ومنظّم"، وذلك بعد تكرار عشرات الشكاوى والاتهامات الجنائية بحقها.

وبحسب وزيرة العدل في الولاية، ماريون غنتغس، غادر 13 فردًا من العائلة خلال عطلة نهاية الأسبوع، بينما غادر أربعة آخرون في الصيف الماضي، ليصل العدد الإجمالي إلى 17 شخصًا، معظمهم معروفون لدى الشرطة. في حين لا يزال ثلاثة من أفراد العائلة في السجن، يقضون أحكامًا طويلة الأمد.

أكدت السلطات أن العائلة وصلت إلى سوريا أمس الأحد، مشيرة إلى أن أفرادها تخلّوا عن صفة اللجوء، وتلقوا دعمًا ماليًا يبلغ نحو 1350 يورو لكل شخص لتغطية تكاليف العودة. وقال وكيل وزارة العدل في الولاية، زيغفريد لورك، إن هذا الدعم "يتماشى مع برامج العودة الطوعية المعمول بها في ألمانيا".

تورّط أفراد العائلة، القادمون من مدينة حلب، في ما لا يقل عن 160 جريمة، بينها اعتداءات وسرقات ومحاولات قتل، وفق الوكالة. وأفادت الوزارة بأن الأب (44 عامًا) غادر السبت الماضي، وكان يعيش في منزل كبير مع زوجاته الثلاث، ويتلقى مساعدات اجتماعية بحجة إعاقة حركية، ويواجه اتهامات بالاحتيال في الإعانات الاجتماعية، وأُدين سابقًا بمقاومة موظفين في أثناء تنفيذهم واجباتهم.

وقال رئيس بلدية شتوتغارت، فرانك نوبر، إن إجبار العائلة على مغادرة البلاد "كان أمرًا صائبًا وضروريًا للغاية"، مضيفًا، "لا يجوز لنا القبول بأن يتعرض التعايش السلمي في مدننا للخطر، أو أن يستمر مجرمون وملزمون بالمغادرة في تلقي المساعدات الاجتماعية".

وفي حين لا تسمح القوانين الحالية بالترحيل القسري إلى سوريا، أوضحت وزيرة العدل أن السلطات تعمل على "تفعيل إمكانية الترحيل"، مؤكدة أن هذا التوجه بدأ يُظهر نتائج ملموسة، "لأن المجرمين يدركون أنهم سيكونون أول من يُرحّل عند تفعيل الإجراء". وقالت وزيرة العدل في الولاية، ماريون غنتغس، إن زيادة الضغوط القانونية دفعت عددًا من المجرمين إلى قبول "الخروج الطوعي المنظَّم"، مشيرة إلى أن ذلك "يحمي مدن الولاية ويعيد تطبيق القانون بصرامة".

أعلن وزير الداخلية الألماني، ألكسندر دوبريندت، نية الحكومة الألمانية إعادة النظر في طلبات اللجوء المقدمة من السوريين، تمهيدًا لترحيل من رُفضت طلباتهم، وستبدأ بإعطاء الأولوية لإعادة النظر بطلبات اللجوء المرفوضة للشباب السوريين القادرين على العمل، وفق ما نقلته صحيفة "بيلد" الألمانية في 12 من تشرين الأول.

وبحسب الصحيفة، سيستأنف المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين معالجة طلبات اللجوء المقدمة من السوريين بعد أن كانت مجمدة لسنوات بسبب الحرب في سوريا، وهو ما منح معظم اللاجئين السوريين في ألمانيا حماية مؤقتة منذ عام 2012.

وقال دوبريندت، المنتمي لحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي (CSU)، إن وزارته تعمل على التوصل إلى اتفاق مع الحكومة السورية يسمح بتنفيذ عمليات ترحيل، مشيرًا إلى أن الخطوة الأولى ستشمل المجرمين، على أن تتبعها مراحل أخرى تشمل فئات إضافية من السوريين. وأضاف الوزير أن السلطات ستسحب حق اللجوء من السوريين الذين عادوا إلى بلادهم بعد حصولهم على الحماية في ألمانيا، معتبرًا أن هذه العودة دليل على "زوال أسباب اللجوء".

أظهر تحليل حديث أجراه أستاذ الصحافة في جامعة "ماكروميديا" بهامبورغ، توماس هسترمان، أن وسائل الإعلام الألمانية تبالغ في تغطية الجرائم التي يُشتبه بارتكابها من قبل أجانب، إذ تُذكر أصول المشتبه بهم غير الألمان بمعدل يفوق ثلاث مرات نسبتهم الفعلية في إحصاءات الشرطة.

ويشير التقرير، الذي أُعد لصالح "خدمة إعلام الاندماج" في برلين، ونشرت عنه شبكة "DW" الألمانية، إلى أن هذه المبالغة تمثل انحرافًا واضحًا في الصورة الإعلامية منذ عام 2015، حين تزايدت الهجرة إلى ألمانيا.

ويرى هسترمان أن تغطية وسائل الإعلام للجريمة أصبحت تعكس "تشويهًا جوهريًا" في العلاقة بين الهجرة والعنف، مؤكدًا أن القرارات التحريرية كثيرًا ما تُتخذ بدافع الحدس أو التأثير العاطفي، دون وعي بتبنيها خطابًا قريبًا من أجندات اليمين الشعبوي.

وتشير الدراسة إلى أن البرامج التلفزيونية والصحف تميل إلى تغطية الجرائم التي يرتكبها الأجانب بشكل مضاعف مقارنة بتغطية الجرائم التي يكون مرتكبوها ألمانًا، كما حدث في مثالين لهجومين وقعا عام 2025 في ميونيخ ومانهايم، إذ حظي الأول بتغطية واسعة لأن المشتبه به أجنبي، بينما مرّ الثاني بتجاهل إعلامي نسبي لأن منفذه ألماني.

وأكد هسترمان أن هذا النمط لا يقتصر على وسائل إعلام محافظة، بل يمتد أيضًا إلى صحف ذات توجهات يسارية أو بيئية، وهو ما يصفه الباحثون بـ"تهجير الجريمة"، أي ربطها الممنهج بالمهاجرين.

وترى عالمة الاجتماع جينا فولينغر أن هذا التركيز المفرط على الأصل والثقافة يغذي تصورات نمطية، تجعل من الهجرة مرادفًا للجريمة في الوعي العام. ووفق بيانات وزارة الداخلية الألمانية، يعيش في ألمانيا نحو 955 ألف سوري حتى تموز 2025، بانخفاض يقارب 20 ألفًا عن مطلع العام، نتيجة عودة بعضهم طوعًا إلى سوريا بعد سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد.

ورغم ذلك، ما تزال طلبات اللجوء السورية تتواصل، إذ تقدم 17,650 سوريًا بطلبات لجوء جديدة بين كانون الثاني وآب 2025.

مشاركة المقال: