أثار قرار إحداث مديرية عامة للإدارة المحلية والبيئة في كل محافظة سورية تساؤلات حول الأسس القانونية التي اعتمد عليها، والصلاحيات الممنوحة لهذه المديريات، ومدى توافقها أو تعارضها مع صلاحيات مجالس المدن والمحافظات.
سناك سوري _ دمشق
ينص القرار الصادر عن "الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية" على إنشاء مديرية عامة للإدارة المحلية والبيئة في كل محافظة، تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي، وترتبط إدارياً بوزير الإدارة المحلية والبيئة فنياً، ولها فروع في كل منطقة بالمحافظة. صدر القرار بتاريخ 1 تشرين الأول الجاري، لكنه لم يُعلن إلا أمس.
يمنح القرار وزير الإدارة المحلية صلاحية تحديد مهام وهيكل المديريات المستحدثة، وتعيين مدير عام لكل مديرية بقرار منه، على أن يكون نائباً للمحافظ لشؤون الإدارة المحلية والبيئة.
يذكر أن منشورات رسمية سابقة أشارت إلى وجود "مدير الإدارة المحلية" في عدة محافظات قبل صدور القرار، مثل مدير عام الإدارة المحلية في حماة، ومدير الإدارة المحلية في حلب، ومدير الإدارة المحلية في اللاذقية.
مخالفة الإعلان الدستوري
انتقد ناشط سياسي القرار، معتبراً أنه يخالف الإعلان الدستوري، مشيراً إلى تكرار الخروقات من قبل مسؤول كبير في "الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية"، يقوم بإصدار قرارات وترؤس اجتماعات حكومية دون صلاحية، في إشارة إلى الأمين العام لرئاسة الجمهورية "ماهر الشرع".
واعتبر "سبسبي" أن السكوت عن هذه الظاهرة والتواطؤ معها من قبل البعض أمر غريب.
تجاوز قانون الإدارة المحلية 107
تنص المادة 51 من الإعلان الدستوري على استمرار العمل بالقوانين النافذة ما لم يتم تعديلها أو إلغاؤها. ولا يتضمن قانون الإدارة المحلية رقم 107 لعام 2011 أي إشارة إلى إحداث مديريات للإدارة المحلية، بل يوزع الصلاحيات على المحافظ ومجلس المحافظة، ثم مجلس المدينة والبلدة والبلدية.
كما يتم اختيار أعضاء ورؤساء المجالس المحلية بالانتخاب المباشر لمدة 4 سنوات، وينص القانون على أن "سوريا" تتكون من وحدات إدارية تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الإداري والمالي، وهي "المحافظة، المدينة، البلدة، البلدية"، ويمثل الناخبون في الوحدة الإدارية أصحاب الإرادة للشخصية الاعتبارية، وتعتبر المجالس المحلية للوحدات الإدارية المنتخبة ممثلاً لإرادة الشخصية الاعتبارية وتتحدد مسؤوليتها القانونية بموجب أحكام القانون ذاته.
ينص القانون أيضاً على تشكيل مجلس أعلى للإدارة المحلية برئاسة رئيس مجلس الوزراء ونائبه وزير الإدارة المحلية، وعضوية رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي والمحافظين ورؤساء المجالس المحلية للمحافظات ورئيس هيئة التخطيط الإقليمي ومعاون الوزير.
إلا أن القرار الجديد يخالف القانون، بدءاً من استحداث مديريات غير مذكورة فيه، وتعيين مدراء لها بقرار الوزير بعيداً عن أي "انتخابات"، ومخالفة جوهر القانون الذي اعتبر الناخبين أصحاب الإرادة للشخصية الاعتبارية، ومع استبدال "الانتخابات" بـ"التعيين" فقد تم سلب إرادة الناخبين، إضافة إلى تجاهل تشكيل المجلس الأعلى للإدارة المحلية.
من جانب آخر، لا تزال القرارات الصادرة عن "الأمين العام لرئاسة الجمهورية" تثير تساؤلات حول صلاحياته، وما إذا كان قد حلّ محل رئيس مجلس الوزراء بعد إلغاء المنصب وأصبحت الحكومة برئاسة رئيس الجمهورية.
وتظهر هذه القرارات نوعاً من التخبط في إدارة ملف الإدارة المحلية، إذ تتداخل الصلاحيات والمهام وتتغلب التعيينات واستحداث المناصب الجديدة وتوزيعها، وفرض هذه القرارات على سكان الوحدات الإدارية دون أخذ آرائهم بعين الاعتبار.