يشهد حي الليرمون في مدينة حلب تراجعًا ملحوظًا في قطاع التعليم، وذلك نتيجة للدمار الهائل الذي طال البنية التحتية خلال سنوات الحرب، بالإضافة إلى نقص الإمكانيات وغياب الدعم الكافي من الجهات المعنية.
على الرغم من مرور سنوات على استعادة الاستقرار، لا تزال المدارس تعمل بقدرات محدودة، معتمدة بشكل أساسي على جهود المجتمع المحلي والمعلمين أنفسهم لضمان استمرار العملية التعليمية.
أكد محمد العبد الله، مدير مدرسة في الحي، أن "الوضع التعليمي في الليرمون لا يزال يعاني من أزمات متراكمة"، مشيرًا إلى أن "العديد من المدارس تضررت بشكل جزئي أو كامل، وأن بعض الفصول الدراسية تُدار دون نوافذ أو تجهيزات مناسبة".
وأوضح أن "عدد المعلمين لا يغطي الحاجة الفعلية، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى دمج الفصول أو تقليل عدد الحصص الأسبوعية لبعض المواد". وأضاف العبد الله أن "الطلاب يدرسون في ظروف صعبة للغاية، حيث تفتقر المدارس إلى التدفئة والمياه والوسائل التعليمية، في حين يتزايد الضغط مع ازدياد أعداد التلاميذ العائدين".
واختتم حديثه بالإشارة إلى أن "أهالي الحي لديهم رغبة قوية في إعادة أطفالهم إلى مقاعد الدراسة، لكن ضعف الإمكانيات يجعل العملية التعليمية غير مستقرة".
من جانبه، أشار أبو أحمد، وهو أحد أولياء الأمور، إلى أن "الظروف المعيشية القاسية دفعت العديد من الأسر إلى إخراج أبنائها من المدارس، إما للعمل أو للمساعدة في إعالة الأسرة". ولفت إلى أن "بعض الطلاب لا يمتلكون القدرة على شراء المستلزمات المدرسية أو دفع تكاليف النقل، مما يزيد من معدلات التسرب المدرسي".
وفي السياق ذاته، نوهت المعلمة سميرة عثمان، وهي مدرسة لغة عربية في إحدى مدارس الحي، إلى أن "المعلمين يعملون بروح عالية على الرغم من الصعوبات، إلا أن غياب التدريب والدعم النفسي يؤثر على الأداء داخل الفصول". وأوضحت أن "المدرسة تحاول خلق بيئة مشجعة على الرغم من ضعف الإمكانيات، لأن التعليم بالنسبة لهؤلاء الأطفال هو نافذتهم الوحيدة نحو مستقبل أفضل".
وتشير المتابعات الميدانية إلى أن الواقع التعليمي في حي الليرمون يتطلب خطة إعادة تأهيل شاملة تتضمن ترميم المدارس المتضررة، وتوفير الكتب والمقاعد، وتحسين رواتب الكوادر التعليمية، بالإضافة إلى إطلاق برامج دعم نفسي واجتماعي تستهدف الطلاب والمعلمين على حد سواء. وأكد تربويون محليون أن إشراك المجتمع الأهلي في دعم العملية التعليمية سيسهم في تسريع عملية التعافي وعودة الحياة الطبيعية إلى الحي.
تضم محافظة حلب حوالي 3,400 مدرسة كانت تخدم مئات الآلاف من التلاميذ قبل الحرب، إلا أن أكثر من 1,400 مدرسة خرجت عن الخدمة بسبب الدمار الذي لحق بالمباني التعليمية خلال سنوات النزاع، وفقًا لما أكدته المهندسة آية صدور، مديرة الأبنية المدرسية في مديرية التربية بحلب، في تقرير سابق لموقع سوريا 24. وأوضحت صدور في حينه أن ما يقارب 300 مدرسة دُمرت بالكامل بفعل القصف، في حين تعرضت حوالي 100 مدرسة لأضرار جسيمة تحتاج إلى إعادة إعمار شاملة، بالإضافة إلى مئات المدارس المتضررة جزئيًا والتي لا تزال تعيق استئناف التعليم بصورة طبيعية. وتقدر تكلفة إعادة تأهيل المدرسة الواحدة بين 68 و 72 ألف دولار أمريكي، وهو مبلغ يتجاوز الإمكانيات المحلية في ظل ضعف التمويل المخصص للقطاع التعليمي.