الخميس, 4 ديسمبر 2025 11:29 PM

البخعة بالقلمون: قرية مدمرة تشهد على ممارسات "حزب الله" وتنتظر إعادة الإعمار

البخعة بالقلمون: قرية مدمرة تشهد على ممارسات "حزب الله" وتنتظر إعادة الإعمار

بعد مرور عام على تحرير قرية البخعة (الصرخة) في منطقة القلمون الغربي، لا تزال القرية تعاني من آثار الدمار الشامل الذي خلفته سنوات من الهجوم والاقتحام من قبل ميليشيات موالية لإيران. ورغم عودة بعض الأهالي، إلا أن الاستقرار لا يزال بعيد المنال بسبب الغياب شبه الكامل للخدمات الأساسية وانهيار البنية التحتية.

يستعرض خالد حامد أبو أكرم، أحد سكان البخعة، تفاصيل الهجوم على القرية، مشيراً إلى أن الميليشيات دخلت من عدة محاور في وقت واحد. ويقول: "بدأ الاقتحام بميليشيات الفاطميون، تلتها مجموعة أبو الفضل العباس، ثم حزب الله". ويضيف أن محاولات الاقتحام استمرت نحو شهر، وأن المجموعات المدافعة عن القرية خاضت مواجهات عنيفة، إلا أن نفاد الذخيرة أجبرهم على الانسحاب.

ويوضح أبو أكرم أن أسلوب التدمير كان ممنهجاً، قائلاً: "كانوا يفجرون الأبنية بالكامل.. خمسة طوابق تنهار بضغطة واحدة.. القرية سقطت بالكامل، والدمار لا يزال ظاهراً في كل الجهات". ويؤكد أن عمليات التفجير كانت بقيادة ميليشيات أجنبية، وأن حجم الدمار يعكس سعياً لمحو معالم القرية.

ويؤكد أبو أكرم أن دوافع الهجوم لم تكن مرتبطة بدعم النظام، بل بالسيطرة على طرق تهريب الكبتاغون والسلسلة الجبلية المحاذية للبنان. ويوضح أن "الهدف كان السيطرة على السلسلة الغربية للوصول إلى معامل الكبتاغون في بلدة طفيل، وفتح طريق تهريب مباشر إلى لبنان". ويشير إلى أن قيادة العمليات كانت تحت إمرة شخص يُعرف باسم الحاج مهدي أو أبو مهدي.

ويشير أبو أكرم إلى أن العلاقة بين القوات المهاجمة لم تكن على وفاق، موضحاً: "كنا نسمع تبادل الاتهامات بالخيانة، فحزب الله كان يتهم الضباط التابعين للنظام بالخيانة، وكان من الواضح أن الحزب هو الجهة المسيطرة فعلياً".

ويؤكد أبو أكرم أن القرية حُوّلت إلى منطقة عسكرية مغلقة حتى عام 2019، وأنه مُنع دفن أي شخص داخل القرية، ما أجبر الأهالي على دفن موتاهم في منطقة المجار، التي تبعد نحو أربعة كيلومترات.

وتعود أهمية القرية إلى موقعها في منتصف منطقة القلمون، بين القلمون الأوسط في يبرود والقلمون الأعلى في رنكوس، وتعد همزة الوصل بينهما وبين منطقة معلولا الأثرية.

ورغم الدمار الكبير، عاد عدد من الأهالي إلى القرية بعد التحرير. ويوضح أبو أكرم أن "الناس عادت رغم كل شيء.. بعضهم ما زال يسكن في خيام، وآخرون يضعون شادرًا فوق ما تبقى من منازلهم، أو يرممون ما يستطيعون بجهود فردية". ويؤكد أن أكثر من 90% من أبناء القرية كانوا من الثوار، وأن عدد العائلات المتبقية في القرية آنذاك لم يتجاوز 40 عائلة.

من جانبه، يقدم نصوح حمود، رئيس بلدية الصرخة (البخعة)، تقييمًا تفصيليًا لواقع القرية بعد عام من التحرير، ويقول: "كان عدد سكان البخعة قبل الأحداث نحو سبعة آلاف نسمة، أما اليوم فيبلغ حوالي عشرة آلاف، إلا أنّ من يقيم فعليًا داخل القرية لا يتجاوز ألف شخص، بسبب حجم الدمار".

ويشير حمود إلى أن القرية تعاني من انهيار في مختلف مقومات الحياة، موضحاً أن "شبكة الكهرباء مدمرة بالكامل، والمياه والصرف الصحي بحاجة إلى إعادة تأهيل شاملة"، وأنه لا يوجد أي مرفق صالح للاستخدام.

ويؤكد حمود أن البلدية رمّمت المدرسة الوحيدة في القرية، لتخدم أبناءها رغم الظروف، موضحاً أن "الطلاب يسكنون في قرية المجار على بُعد خمسة كيلومترات، وقد تم توفير وسيلة نقل يومية لضمان استمرار العملية التعليمية".

ويوضح رئيس البلدية أن نسبة الدمار في البخعة وصلت إلى 99%، ويقول: "عند دخولنا بعد التحرير لم يكن هناك بيت واحد صالح للسكن"، وأن الأهالي بدأوا بأعمال ترميم بسيطة وفق إمكانياتهم، لكن إعادة الإعمار تتطلب دعمًا كبيرًا من الجهات المعنية.

ويشير حمود إلى أن زيارات المنظمات لم تثمر عن أي دعم حقيقي، موضحاً: "زارتنا منظمات، لكن حضورها اقتصر على التصوير وجمع الشهادات، دون تقديم أي مساعدة ملموسة على الأرض".

رغم قسوة الدمار، تمكّن أهالي البخعة من العودة تدريجيًا إلى قريتهم، وإعادة الحد الأدنى من الحياة إليها بجهود فردية. ومع استمرار غياب الدعم الحقيقي، تبقى القرية شاهدة على كارثة إنسانية تحتاج إلى استجابة جدية ترتقي إلى حجم الضرر، وتوفر لسكانها مقومات الحياة.

مشاركة المقال: