كشفت وسائل إعلام يونانية عن تفكيك واحدة من أكبر شبكات الاحتيال المالي وأكثرها تنظيمًا واستمرارية في اليونان خلال السنوات الأخيرة. ويدير هذه الشبكة شقيقان من أصل سوري، كانا قد وصلا إلى اليونان قبل أعوام كلاجئين.
وفقًا لتقارير صحفية محلية، يُتهم كلٌّ من أ.ح. وخ.إ.ح.، كما ورد اسماهما في وثائق الادعاء، بتأسيس وإدارة منظمة إجرامية احتيالية استمرت لأكثر من عقد، واستهدفت مؤسسات الدولة اليونانية، بما في ذلك مؤسسة التأمين الاجتماعي (EFKA) والإدارة الضريبية وأجهزة الرقابة المالية.
شركات وهمية وتبديل مستمر للهويات
تشير وثائق القضية إلى أن الشقيقين أسّسا منذ عام 2014 ما لا يقل عن تسع شركات لإنتاج الملابس، عملت بشكل متتابع ومترابط. فكلما بدأت السلطات بتفتيش إحدى الشركات، كان المتهمان يقومان بإغلاقها وتأسيس شركة جديدة باسم مختلف وبشكل قانوني جديد، مع تغيير المديرين والمقرات، في محاولة لإرباك أجهزة الرقابة.
وعلى الرغم من تغيير الأسماء والمواقع القانونية، كانت الشركات تحتفظ بنفس الموظفين والمعدات وقاعدة الزبائن، في حين تولى أشخاص أجانب، أو أصحاب هويات مزوّرة، إدارة هذه الشركات شكليًا مقابل مبالغ بسيطة، أو دون علمهم في بعض الحالات.
تزوير وتهرّب ضريبي وخسائر بملايين اليوروهات
وفقًا للتحقيقات، استخدم الشقيقان جوازات سفر مزورة صادرة من دول مختلفة مثل بنغلادش، ووثائق هوية معدلة بالصور والبيانات، لتسجيل الشركات بأسماء متعددة. وعندما تتراكم الديون أو تُرصد مخالفات من قبل مؤسسة التأمين الاجتماعي، كانا يقومان ببساطة بإغلاق الشركة وافتتاح أخرى جديدة بسجل نظيف.
وخلال أكثر من عشر سنوات من النشاط، أعلنت الشركات الوهمية عن وجود 108 موظفين، تبين لاحقًا أن معظمهم لم يعمل فعليًا أو عمل دون تسجيل تأميني. وقدّرت سلطات التفتيش في اليونان حجم الخسائر التي لحقت بالخزينة العامة بما لا يقل عن 2.1 مليون يورو، من بينها أكثر من 1.6 مليون يورو كاشتراكات تأمينية غير مدفوعة، وقرابة نصف مليون يورو كضرائب دخل وضريبة قيمة مضافة. لكن المحققين يرجحون أن المبلغ الحقيقي يفوق ذلك بكثير، مع استمرار التحقيقات لتحديد شركات وحسابات إضافية مرتبطة بالشبكة.
غسيل أموال ومضبوطات ثمينة
كشف المحققون عن شبكة حسابات مصرفية استخدمها الشقيقان في غسيل الأموال داخل بنوك يونانية، من خلال إيداع وسحب مبالغ كبيرة نقدًا وتحويل أموال إلى حسابات خارج البلاد. وأسفرت المداهمات الأمنية عن مصادرة سيارات فاخرة ومبالغ نقدية وشيكات مصرفية، إضافة إلى 37 قطعة ذهبية وعشرات الأختام التجارية، فضلًا عن هواتف وأجهزة إلكترونية تحتوي على بيانات مالية وفواتير مزورة.
وأظهرت تحليلات الشرطة أن المتهمين استخدما السيارات الفاخرة لنقل الأموال والبضائع نقدًا لتضليل أجهزة المراقبة وإخفاء مصادر الدخل. ويصف ملف الادعاء العام الشقيقين بأنهما يتمتعان بـ"فهم اقتصادي عميق وقدرة تنظيمية عالية"، إذ كان أ.ح. يتولى دور "العقل المدبر" والمحاسب الذي يدير السجلات ويخفي الآثار المالية، بينما كان خ.إ.ح. المسؤول التنفيذي عن إدارة الشركات والتعامل مع العمال. وبحسب السلطات، فقد شكّل الاثنان منظمة إجرامية منضبطة ذات أدوار واضحة وقواعد دقيقة، تمكّنت من العمل لأكثر من عشر سنوات دون أن تُكتشف.