في خطوة هي الأولى من نوعها منذ عام 2009، قامت الحكومة الهولندية بزيارة رسمية إلى سوريا. زارت وزيرة الدولة الهولندية لشؤون التجارة الخارجية والمساعدات التنموية، أوكه دي فريس، دمشق والتقت بالحكومة السورية الانتقالية بهدف التوصل إلى اتفاقيات بشأن عودة السوريين إلى وطنهم.
أوضحت دي فريس أن الحكومة السورية ترى أهمية في عودة السوريين للمساهمة في إعادة إعمار البلاد، خاصة مع استمرار تضرر العديد من المدارس والمستشفيات والطرق. وأشارت إلى أن هولندا تقدم مساعدات مالية للأعمال الإنسانية وإزالة الألغام.
منذ يونيو/حزيران من هذا العام، بدأت هولندا برفض معظم طلبات اللجوء المقدمة من السوريين، معتبرة أن البلاد آمنة لغالبية طالبي اللجوء. ومع ذلك، أكدت دي فريس أن هذا لا يشمل الجميع، مشيرة إلى أنها استمعت إلى آراء مختلفة، وتحدثت مع أقليات لا تشعر بالأمان، وهو ما يثير قلقها.
التقت دي فريس أيضًا بوزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل السورية، هند عبود قبوات، وهي الوزيرة الوحيدة في حكومة الرئيس الشراع، والتي كانت من المعارضين لنظام الأسد ولها خلفية مسيحية.
تسعى الحكومة الهولندية لتشجيع المزيد من السوريين على العودة الطوعية، وقامت برفع مبلغ الدعم لإعادة الاندماج إلى 5000 يورو لكل بالغ و2500 يورو لكل قاصر، بالإضافة إلى تذكرة سفر مجانية إلى سوريا.
أكدت الوزيرة قبوات أن سوريا بحاجة إلى جميع اللاجئين العائدين، لكنها شددت على أن العودة يجب أن تكون قرارًا شخصيًا. وأضافت أن الحكومة الهولندية المؤقتة تسعى لعقد اتفاقيات بشأن الترحيل القسري للسوريين الذين لم يعودوا مؤهلين للإقامة في هولندا، وخاصة مرتكبي الجرائم أو مثيري الاضطرابات.
في تصريح لهيئة الإذاعة الهولندية NOS، قالت الوزيرة قبوات: "بالطبع نرغب في عودة جميع اللاجئين، ولكن نرحب فقط بمن يرغب في العودة طوعًا. لا يمكنني أن أطلب من الناس العودة بينما لا تزال هناك مدن مدمرة ولا توجد وظائف أو مدارس". وأضافت أن العودة القسرية ستتسبب بأزمة داخل البلاد، مؤكدة أن "سوريا ليست جاهزة بعد" وأن "على المجتمع الدولي أن يدرك ضرورة الاستعداد لهذه المرحلة".
أشارت قبوات إلى حجم الدمار الكبير، مؤكدة على ضرورة توفير الأساسيات للعائدين. كما شددت على أن سوريا ترى في هولندا نموذجًا يحتذى به في مجال القانون الدولي والإنساني، معربة عن ثقتها بأن اللاجئين العائدين من هولندا سيكونون ذوي قيمة مضافة بفضل معارفهم وتعليمهم الجديد. ودعت المجتمع الدولي إلى مساعدة سوريا في إعادة الإعمار حتى يتمكن جميع السوريين من العودة.
من جانبها، قالت ديزي مور من دمشق إن قرار العودة أو عدمها مسألة شخصية جدًا وتعتمد على عوامل كثيرة. وأشارت إلى وجود عودة طوعية متزايدة من دول الجوار وأوروبا، وإن كانت محدودة. وأوضحت أن التجربة تختلف من شخص لآخر، وتتوقف على عوامل مثل وجود منزل قائم، وتوفر فرص العمل والمدارس، ومدى أمان المنطقة. وأكدت أن البلاد ما زالت في مرحلة انتقالية، وكل شيء غير مستقر بعد.
وأضافت أن الترحيل القسري يواجه عقبات كبيرة، حيث لا تمتلك هولندا سفارة في دمشق منذ عام 2012، وأي عملية من هذا النوع تحتاج إلى تعاون السلطات السورية، وهو ما لم يتضح بعد كيف ستنظمه هولندا في المدى القريب.
بدأت مصلحة الهجرة والتجنيس (IND) مجددًا في دراسة الطلبات الفردية منذ يونيو/حزيران هذا العام، وغالبًا ما تُرفض هذه الطلبات إلا إذا تمكن المتقدم من إثبات أنه معرض فعليًا لخطر جسيم. ولا يزال بعض الفئات مثل مجتمع الميم (LGBTIQ+) والعلويين يُعتبرون من الفئات ذات المخاطر المرتفعة.
سيكون بإمكان السوريين الذين يرغبون في الاستفادة من برنامج العودة الطوعية الجديد تقديم طلبهم لدى مصلحة العودة والمغادرة (DT&V) بين 17 نوفمبر 2025 و1 يناير 2026. وخلال هذا العام، عاد حوالي 800 سوري طوعًا. وفي سبتمبر، سيرت هولندا أول رحلة جماعية لإعادة السوريين، حيث حصل العائدون على دعم مالي أقل: 2800 يورو للبالغين و1650 يورو للأطفال. (nos – Net in Nederland)