أبدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء استياءه من نظيره الروسي فلاديمير بوتين، معلناً فرض عقوبات "هائلة" على القطاع النفطي الروسي، بهدف دفع موسكو لوقف حربها في أوكرانيا. بالتوازي، أعلن الاتحاد الأوروبي عن اتفاق لتشديد العقوبات على قطاع المحروقات الروسي، سعياً لتجفيف موارد موسكو المستخدمة في الحرب.
وصرّح ترامب خلال استقباله الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته في البيت الأبيض: "إنها عقوبات هائلة... ونأمل ألا تُفرض لفترة طويلة، ونأمل وضع حدّ للحرب".
من جانبه، رحّب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالعقوبات، معتبراً إياها "مهمة للغاية"، ومشدداً على أن واشنطن بعثت "رسالة جيّدة لبلدان أخرى في العالم للانضمام إلى العقوبات". وأثنت سفيرة أوكرانيا في الولايات المتحدة أولغا ستيفانيشينا على التدابير الجديدة، مؤكدة أن "هذا القرار يتوافق تماما مع الموقف الأوكراني الثابت بأنه لا يمكن الحصول على السلام إلا بالقوة وبممارسة أقصى الضغوط على المعتدي باستخدام كل الأدوات الدولية المتوافرة".
وبعد امتناعه عن فرض عقوبات على روسيا لأشهر، رأى ترامب أن محادثاته مع بوتين كانت "عقيمة". وبعد يوم من إرجاء ترامب قمة كانت مقررة مع بوتين في بودابست إلى أجل غير مسمى، قال: "في كل مرّة أتحدث مع فلاديمير، أجري محادثات جيدة لكنها تبقى عقيمة" في نهاية المطاف، إذ لا تفضي إلى أي اختراق.
وكان وزير المال الأميركي سكوت بيسنت قد أعلن فرض عقوبات على شركتي النفط الروسيتين العملاقتين روسنفت ولوك أويل، اللتين "تمولان آلة الكرملين الحربية"، مشيراً إلى "رفض الرئيس بوتين وقف هذه الحرب الجنونية". وتشمل العقوبات تجميد كل أصول المجموعتين في الولايات المتحدة ومنع كل الشركات الأميركية من التعامل معهما.
وعقب الإعلان، سجلت أسعار النفط ارتفاعاً بنحو 3% في بدء التعاملات في الأسواق الآسيوية، ما أثار مخاوف من ضغوط على عرض النفط. غير أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أكد لاحقاً أن واشنطن لا تستبعد عقد لقاء مع الروس، معلناً "سنظل دائماً مهتمّين بالحوار إذا كانت هناك إمكانية لتحقيق السلام".
وجاء الإعلان عن العقوبات الجديدة بعد ليلة شنت روسيا خلالها هجمات على أنحاء أوكرانيا مستخدمة أكثر من 400 مسيرة وحوالى ثلاثين صاروخاً، ما تسبب بسقوط سبعة قتلى. ومن بين هذه الهجمات، أثار هجوم بمسيرات استهدف حضانة في خاركيف، المدينة الكبرى في شمال شرق أوكرانيا، وأوقع قتيلاً على الأقل وعشرة جرحى بحسب رئيس البلدية إيغور تيريخوف، قدراً خاصاً من التنديد. وشاهد صحافي في وكالة فرانس برس فرق إطفاء وإسعاف تعمل في محيط الحضانة فيما الدخان يتصاعد من المبنى الذي تضرر سطحه.
وأعلنت واشنطن أن العقوبات المفروضة على المجموعتين الروسيتين هي نتيجة "عدم وجود إرادة جدية من جانب روسيا للانخراط في عملية سلام من أجل وضع حد للحرب في أوكرانيا". وأعلنت الخزانة الأميركية "استعدادها للمضي أبعد إذا كان ذلك ضرورياً".
وتشمل حزمة الإجراءات الأوروبية التي يتوقع إقرارها رسمياً الخميس، وقفاً كاملاً لاستيراد الغاز الطبيعي المسال من روسيا، وتدابير إضافية ضد الأسطول الشبح الروسي الذي يسمح لموسكو بتصدير النفط عبر الالتفاف على العقوبات الغربية.
ويحضر زيلينسكي الخميس إلى بروكسل للمشاركة في قمة للاتحاد الأوروبي يصادق خلالها قادة دول التكتل رسمياً على منح أوكرانيا دعماً مالياً مستمراً، ثم إلى لندن التي تستضيف الجمعة اجتماعاً لتحالف الدول الراغبة في تقديم ضمانات أمنية لبلاده.
وبدد روته المخاوف من وجود توتر بين ترامب وزيلينسكي، مؤكداً أن الرئيس الأميركي يبقى الوحيد القادر على إحلال "سلام دائم" في أوكرانيا رغم التمسك برفضه تسليم كييف صواريخ توماهوك. وأكد ترامب مجدداً هذا الرفض الأربعاء، مشيراً إلى التعقيدات المرتبطة باستخدامها. غير أن روته رأى في تصريحات للصحافيين أن الضغط الجماعي المتزايد الذي يمارس على موسكو من شأنه "تغيير حسابات" بوتين و"جلبه إلى طاولة المفاوضات" من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار. وقال: "إنني واثق تماماً من ذلك، قد لا يحصل الأمر اليوم ولا غداً، لكننا سنتوصل إليه".
وفي هذه الأثناء، توجه الرئيس الأوكراني إلى السويد بحثاً عن أسلحة، وأعلن الأربعاء توقيع رسالة نوايا لشراء 100 إلى 150 طائرة مقاتلة من طراز "غريبن" من الجيل الأخير.
ونددت وزارة الخارجية الروسية الخميس بالعقوبات الأميركية الجديدة على شركتي روسنفت ولوك أويل النفطيتين، مؤكدة أن روسيا "محصنة" ضد هذه القرارات الاقتصادية. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في إحاطتها الأسبوعية: "نرى أن هذه الخطوة ستأتي بنتائج معاكسة"، مضيفة أن "بلادنا طورت حصانة متينة ضد القيود الغربية، وستواصل تطوير قدرتها الاقتصادية بما يشمل مجال الطاقة".
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من بروكسل الخميس، إنّ العقوبات التي فرضتها واشنطن على موسكو هي "رسالة قوية" ضد روسيا، في وقت يبدو أنّ الجهود الأميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا وصلت إلى طريق مسدود. وقال زيلينسكي للصحافيين لدى وصوله إلى قمة قادة الاتحاد الأوروبي، بعد ساعات على إعلان التكتل والولايات المتحدة عقوبات تستهدف صناعتي النفط والغاز الروسيتين، "هذه رسالة قوية وضرورية تؤكد أنّ العدوان لن يبقى بدون رد".